( قال ) : وأما وأشار في بعض النوادر إلى الفرق فقال : المتعلق بهلال رمضان هو الشروع في العبادة ، وخبر الواحد فيه مقبول كما لو أخبر بإسلام رجل والمتعلق بهلال شوال الخروج من العبادة ، وذلك لا يثبت إلا بشهادة رجلين كما في الشهادة على ردة المسلم ، وأشار هنا إلى فرق آخر فقال : المتعلق بهلال شوال ما فيه منفعة للناس وهو الترخص بالفطر فيكون هذا نظير الشهادة على حقوق العباد والمتعلق بهلال رمضان محض حق الشرع ، وهو الصوم الذي هو عبادة يؤخذ فيها بالاحتياط فلهذا يكتفى فيه بخبر الواحد إذا كان بالسماء علة ، وهذا صحيح على ما روى على الفطر فلا تقبل إلا شهادة رجلين إذا كان بالسماء علة الحسن عن رحمهما الله تعالى أنهم يصومون بخبر الواحد ولا يفطرون إذا لم يروا الهلال ، وإن أكملوا العدة ثلاثين يوما بدون التيقن بانسلاخ رمضان للأخذ بالاحتياط في الجانبين فأما أبي حنيفة يروي عن ابن سماعة رحمه الله تعالى إنهم يفطرون إذا أكملوا العدة ثلاثين يوما ; لأن صوم الفرض في رمضان لا يكون [ ص: 140 ] أكثر من ثلاثين يوما وقال : محمد فقلت ابن سماعة كيف يفطرون بشهادة الواحد قال : لا يفطرون بشهادة الواحد بل بحكم لمحمد ; لأنه لما حكم بدخول رمضان وأمر الناس بالصوم فمن ضرورته الحكم بانسلاخ رمضان بعد مضي ثلاثين يوما والحاصل أن الفطر هنا مما تفضي إليه الشهادة لا أنه يكون ثابتا بشهادة الواحد ، وهو نظير شهادة القابلة على النسب فإنها تكون مقبولة ثم يفضي ذلك إلى استحقاق الميراث ، والميراث لا يثبت بشهادة القابلة ابتداء ويستوي إن شهد رجل أو امرأة على شهادة نفسه أو على شهادة غيره حرا كان أو عبدا محدودا في القذف أو غير محدود بعد أن يكون عدلا في ظاهر الرواية بمنزلة رواية الأخبار فإن الصحابة كانوا يقبلون رواية الحاكم بعد ما أقيم عليه حد القذف وفي رواية أبي بكرة الحسن عن رحمهما الله تعالى لا تقبل أبي حنيفة ، وإن حسنت توبته ; لأنه محكوم بكذبه شرعا قال الله تعالى : { شهادة المحدود في القذف على رؤية الهلال فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون } فإذا كان المتهم بالكذب ، وهو الفاسق غير مقبول الشهادة هنا فالمحكوم بكذبه كان أولى .