الفرع العاشر : أظهر قولي أهل العلم عندي : هو نسخ
nindex.php?page=treesubj&link=27995الأمر بالفرع والعتيرة . ونقل
النووي في شرحه
لمسلم ، عن
عياض أن جماهير العلماء على نسخ الأمر بالفرع ، والعتيرة . وذكر
النووي أيضا في شرحه
لمسلم أن الصحيح عند علماء الشافعية : استحباب الفرع والعتيرة قال : وهو نص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
[ ص: 224 ] والدليل عندنا على أن الأظهر هو نسخهما : هو ثبوت ما يدل على ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج - رحمه الله - في صحيحه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17342يحيى بن يحيى التميمي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12508وأبو بكر بن أبي شيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16696وعمرو الناقد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11997وزهير بن حرب ، قال
يحيى : أخبرنا . وقال الآخرون : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن
سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ( ح ) ، وحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16957محمد بن رافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ، قال
عبد : أخبرنا . وقال
ابن رافع : حدثنا
عبد الرزاق ، أخبرنا
معمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009059لا فرع ولا عتيرة " ، زاد
ابن رافع في روايته : والفرع : أول النتاج ، كان ينتج لهم فيذبحونه اهـ من صحيح
مسلم . وهذا الإسناد في غاية الصحة من طريقيه كما ترى . وفيه : تصريح النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه لا فرع . والعتيرة والفرع بالفاء والراء المفتوحتين بعدهما عين مهملة ، جاء تفسيره ، عن
ابن رافع كما ذكره عنه
مسلم فيما رأيت . وقال
النووي : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وأصحابه وآخرون : الفرع هو أول نتاج البهيمة ، كانوا يذبحونه ، ولا يملكونه رجاء البركة في الأم ، وكثرة نسلها ، وهكذا فسره كثيرون من أهل اللغة وغيرهم ، وقال كثيرون منهم : هو أول النتاج كانوا يذبحونه لآلهتهم : وهي طواغيتهم . وكذا جاء في هذا التفسير في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وسنن
أبي داود وقيل : هو أول النتاج لمن بلغت إبله مائة يذبحونه . وقال
شمر : قال
أبو مالك : كان الرجل إذا بلغت إبله مائة قدم بكرا فنحره لصنمه ، ويسمونه الفرع . انتهى محل الغرض منه .
وأما العتيرة بعين مهملة مفتوحة ، ثم تاء مثناة من فوق فهي : ذبيحة كانوا يذبحونها في العشر الأول من رجب ، ويسمونها الرجبية أيضا ، وحديث
مسلم هذا الذي ذكرنا صريح في نسخ الأمر بها ; لأن قوله : " لا فرع ولا عتيرة " نفي أريد به النهي ، فيما يظهر كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج [ 2 \ 197 ] ، أي لا ترفثوا ولا تفسقوا ، وعليه فيكون المعنى : لا تعملوا عمل الجاهلية في ذبح الفرع والعتيرة ، ولو قدرنا أن الصيغة نافية ، فالظاهر أن المعنى : لا فرع ولا عتيرة مطلوبان شرعا ، ونسخهما هو الأظهر عندنا للحديث الصحيح كما رأيت . ومن زعم بقاء مشروعيتهما ، واستحبابهما فقد استدل ببعض الأحاديث على ذلك ، وسنذكر حاصلها بواسطة نقل
النووي ; لأنه جمعها في محل واحد ، فقال منها : حديث
نبيشة - رضي الله عنه - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009060نادى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب ، فقال : " اذبحوا لله في أي شهر كان ، وبروا الله عز وجل وأطعموا " ، قال : إنا كنا نفرع فرعا في الجاهلية ، فما تأمرنا ؟ فقال : " في كل [ ص: 225 ] سائمة فرع تغذوه ماشيتك حتى إذا استحمل ذبحته فتصدقت بلحمه " ، رواه
أبو داود ، وغيره بأسانيد صحيحة . وقال
ابن المنذر : هو حديث صحيح . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12135أبو قلابة ، أحد رواة هذا الحديث : السائمة مائة . ورواه
البيهقي بإسناده الصحيح ، عن
عائشة - رضي الله عنها - قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009061أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالفرعة من كل خمسين واحدة . وفي رواية :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009062من كل خمسين شاة شاة . قال
ابن المنذر : حديث
عائشة صحيح ، وفي سنن
أبي داود ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، قال الراوي : أراه عن جده . قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009063سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الفرع ، فقال : " الفرع حق ، وإن تركوه حتى يكون بكرا أو ابن مخاض أو ابن لبون ، فتعطيه أرملة أو تحمل عليه في سبيل الله خير من أن تذبحه فيلزق لحمه بوبره وتكفأ إناءك وتوله ناقتك " ، قال
أبو عبيد في تفسير هذا الحديث : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " الفرع حق ، ولكنهم كانوا يذبحونه حين يولد ولا شبع فيه " ، ولذا قال : " تذبحه ، فيلزق لحمه بوبره " ، وفيه أن ذهاب ولدها يدفع لبنها ، ولهذا قال : " خير من أن تكفأ " يعني : أنك إذا فعلت ذلك ، فكأنك كفأت إناءك وأرقته . وأشار به إلى ذهاب اللبن ، وفيه : أنه يفجعها بولدها ، ولهذا قال : " وتوله ناقتك " فأشار بتركه ، حتى يكون ابن مخاض ، وهو ابن سنة ، ثم يذهب وقد طاب لحمه واستمتع بلبن أمه ، ولا تشق عليها مفارقته ; لأنه استغنى عنها . هذا كلام
أبي عبيد . وروى
البيهقي بإسناده عن
الحارث بن عمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009064أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفات ، أو قال : بمنى ، وسأله رجل عن العتيرة ؟ فقال : " من شاء عتر ومن شاء لم يعتر ، ومن شاء فرع ومن شاء لم يفرع " ، وعن
أبي رزين قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009065يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، إنا كنا نذبح في الجاهلية ذبائح في رجب ، فنأكل منها ، ونطعم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا بأس بذلك " ، وعن
أبي رملة ، عن
مخنف بن سليم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009066كنا وقوفا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفات ، فسمعته يقول : " يا أيها الناس ، إن على أهل كل بيت في كل عام أضحية وعتيرة هل تدري ما العتيرة ؟ هي التي تسمى الرجبية " ، ورواه
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وغيرهم . قال
الترمذي : حديث حسن . وقال
الخطابي : هذا الحديث ضعيف المخرج ; لأن
أبا رملة مجهول ، هذا مختصر ما جاء من الأحاديث في الفرع والعتيرة اهـ كلام
النووي .
وقد قدمنا الكلام مستوفى على حديث
مخنف بن سليم المقتضي : أن على كل أهل بيت في كل عام : أضحية وعتيرة ، وقد علمت حجج الفريقين في الفرع والعتيرة .
وقد قدمنا أن الأظهر عندنا فيهما : النسخ ، ويترجح ذلك بأمور : منها أن حديث
مسلم المصرح بذلك أصح من جميع الأحاديث المذكورة في الباب .
[ ص: 226 ] ومنها أن أكثر أهل العلم على النسخ في ذلك ، كما ذكره
النووي عن
عياض .
ومنها أن ذلك كان من فعل الجاهلية ، وكانوا يتقربون بهما [ لطواغيتهما ] ، وللمخالف أن يقول في هذا الأخير : إن المسلمين يتقربون بهما لله ويتصدقون بلحومهما . ولم نستقص أقوال أهل العلم في المسألة لقصد الاختصار ، لطول الكلام في موضوع آيات الحج هذه .
الْفَرْعُ الْعَاشِرُ : أَظْهَرُ قَوْلَيْ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدِي : هُوَ نَسْخُ
nindex.php?page=treesubj&link=27995الْأَمْرِ بِالْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ . وَنَقَلَ
النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ
لِمُسْلِمٍ ، عَنْ
عِيَاضٍ أَنَّ جَمَاهِيرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى نَسْخِ الْأَمْرِ بِالْفَرَعِ ، وَالْعَتِيرَةِ . وَذَكَرَ
النَّوَوِيُّ أَيْضًا فِي شَرْحِهِ
لِمُسْلِمٍ أَنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَ عُلَمَاءِ الشَّافِعِيَّةِ : اسْتِحْبَابُ الْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ قَالَ : وَهُوَ نَصُّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ .
[ ص: 224 ] وَالدَّلِيلُ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّ الْأَظْهَرَ هُوَ نَسْخُهُمَا : هُوَ ثُبُوتُ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَحِيحِهِ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17342يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12508وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16696وَعَمْرٌو النَّاقِدُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11997وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ
يَحْيَى : أَخْبَرَنَا . وَقَالَ الْآخَرُونَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ ، عَنْ
سَعِيدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( ح ) ، وَحَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=16957مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ
عَبْدٌ : أَخْبَرَنَا . وَقَالَ
ابْنُ رَافِعٍ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009059لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ " ، زَادَ
ابْنُ رَافِعٍ فِي رِوَايَتِهِ : وَالْفَرَعُ : أَوَّلُ النِّتَاجِ ، كَانَ يَنْتِجُ لَهُمْ فَيَذْبَحُونَهُ اهـ مِنْ صَحِيحِ
مُسْلِمٍ . وَهَذَا الْإِسْنَادُ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ مِنْ طَرِيقَيْهِ كَمَا تَرَى . وَفِيهِ : تَصْرِيحُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ لَا فَرَعَ . وَالْعَتِيرَةُ وَالْفَرَعُ بِالْفَاءِ وَالرَّاءِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ بَعْدُهُمَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ ، جَاءَ تَفْسِيرُهُ ، عَنِ
ابْنِ رَافِعٍ كَمَا ذَكَرَهُ عَنْهُ
مُسْلِمٌ فِيمَا رَأَيْتُ . وَقَالَ
النَّوَوِيُّ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ، وَأَصْحَابُهُ وَآخَرُونَ : الْفَرَعُ هُوَ أَوَّلُ نِتَاجِ الْبَهِيمَةِ ، كَانُوا يَذْبَحُونَهُ ، وَلَا يَمْلِكُونَهُ رَجَاءَ الْبَرَكَةِ فِي الْأُمِّ ، وَكَثْرَةِ نَسْلِهَا ، وَهَكَذَا فَسَّرَهُ كَثِيرُونَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَالَ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ : هُوَ أَوَّلُ النِّتَاجِ كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِآلِهَتِهِمْ : وَهِيَ طَوَاغِيتُهُمْ . وَكَذَا جَاءَ فِي هَذَا التَّفْسِيرِ فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ ، وَسُنَنِ
أَبِي دَاوُدَ وَقِيلَ : هُوَ أَوَّلُ النِّتَاجِ لِمَنْ بَلَغَتْ إِبِلُهُ مِائَةً يَذْبَحُونَهُ . وَقَالَ
شِمْرٌ : قَالَ
أَبُو مَالِكٍ : كَانَ الرَّجُلُ إِذَا بَلَغَتْ إِبِلُهُ مِائَةً قَدَّمَ بِكْرًا فَنَحَرَهُ لِصَنَمِهِ ، وَيُسَمُّونَهُ الْفَرَعَ . انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ .
وَأَمَّا الْعَتِيرَةُ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ ، ثُمَّ تَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ فَهِيَ : ذَبِيحَةٌ كَانُوا يَذْبَحُونَهَا فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ رَجَبٍ ، وَيُسَمُّونَهَا الرَّجَبِيَّةَ أَيْضًا ، وَحَدِيثُ
مُسْلِمٍ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا صَرِيحٌ فِي نَسْخِ الْأَمْرِ بِهَا ; لِأَنَّ قَوْلَهُ : " لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ " نَفْيٌ أُرِيدَ بِهِ النَّهْيُ ، فِيمَا يَظْهَرُ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [ 2 \ 197 ] ، أَيْ لَا تَرْفُثُوا وَلَا تَفْسُقُوا ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى : لَا تَعْمَلُوا عَمَلَ الْجَاهِلِيَّةِ فِي ذَبْحِ الْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ ، وَلَوْ قَدَّرْنَا أَنَّ الصِّيغَةَ نَافِيَةٌ ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى : لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ مَطْلُوبَانِ شَرْعًا ، وَنَسْخُهُمَا هُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَنَا لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ كَمَا رَأَيْتَ . وَمَنْ زَعَمَ بَقَاءَ مَشْرُوعِيَّتِهِمَا ، وَاسْتِحْبَابَهُمَا فَقَدِ اسْتَدَلَّ بِبَعْضِ الْأَحَادِيثِ عَلَى ذَلِكَ ، وَسَنَذْكُرُ حَاصِلَهَا بِوَاسِطَةِ نَقْلِ
النَّوَوِيِّ ; لِأَنَّهُ جَمَعَهَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ ، فَقَالَ مِنْهَا : حَدِيثُ
نُبَيْشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009060نَادَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : إِنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عَتِيرَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي رَجَبٍ ، فَقَالَ : " اذْبَحُوا لِلَّهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ ، وَبَرُّوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَطْعِمُوا " ، قَالَ : إِنَّا كُنَّا نُفْرِعُ فَرَعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ فَقَالَ : " فِي كُلِّ [ ص: 225 ] سَائِمَةٍ فَرَعٌ تَغْذُوهُ مَاشِيَتُكَ حَتَّى إِذَا اسْتَحْمَلَ ذَبَحْتَهُ فَتَصَدَّقْتَ بِلَحْمِهِ " ، رَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ ، وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ . وَقَالَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ : هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12135أَبُو قِلَابَةَ ، أَحَدُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ : السَّائِمَةُ مِائَةٌ . وَرَوَاهُ
الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ الصَّحِيحِ ، عَنْ
عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009061أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْفَرَعَةِ مِنْ كُلِّ خَمْسِينَ وَاحِدَةٌ . وَفِي رِوَايَةٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009062مِنْ كُلِّ خَمْسِينَ شَاةً شَاةٌ . قَالَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ : حَدِيثُ
عَائِشَةَ صَحِيحٌ ، وَفِي سُنَنِ
أَبِي دَاوُدَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ الرَّاوِي : أَرَاهُ عَنْ جَدِّهِ . قَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009063سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْفَرَعِ ، فَقَالَ : " الْفَرَعُ حَقٌّ ، وَإِنْ تَرَكُوهُ حَتَّى يَكُونَ بِكْرًا أَوِ ابْنَ مَخَاضٍ أَوِ ابْنَ لَبُونٍ ، فَتُعْطِيهِ أَرْمَلَةً أَوْ تَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذْبَحَهُ فَيَلْزَقَ لَحْمُهُ بِوَبَرِهِ وَتَكْفَأَ إِنَاءَكَ وَتُولِهَ نَاقَتَكَ " ، قَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ : قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " الْفَرَعُ حَقٌّ ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا يَذْبَحُونَهُ حِينَ يُولَدُ وَلَا شِبَعَ فِيهِ " ، وَلِذَا قَالَ : " تَذْبَحُهُ ، فَيَلْزَقَ لَحْمُهُ بِوَبَرِهِ " ، وَفِيهِ أَنَّ ذَهَابَ وَلَدِهَا يَدْفَعُ لَبَنَهَا ، وَلِهَذَا قَالَ : " خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَكْفَأَ " يَعْنِي : أَنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ ، فَكَأَنَّكَ كَفَأْتَ إِنَاءَكَ وَأَرَقْتَهُ . وَأَشَارَ بِهِ إِلَى ذَهَابِ اللَّبَنِ ، وَفِيهِ : أَنَّهُ يَفْجَعُهَا بِوَلَدِهَا ، وَلِهَذَا قَالَ : " وَتُولِهَ نَاقَتَكَ " فَأَشَارَ بِتَرْكِهِ ، حَتَّى يَكُونَ ابْنَ مَخَاضٍ ، وَهُوَ ابْنُ سَنَةٍ ، ثُمَّ يَذْهَبُ وَقَدْ طَابَ لَحْمُهُ وَاسْتَمْتَعَ بِلَبَنِ أُمِّهِ ، وَلَا تَشُقُّ عَلَيْهَا مُفَارَقَتُهُ ; لِأَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْهَا . هَذَا كَلَامُ
أَبِي عُبَيْدٍ . وَرَوَى
الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ
الْحَارِثِ بْنِ عُمَرَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009064أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَرَفَاتٍ ، أَوْ قَالَ : بِمِنًى ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْعَتِيرَةِ ؟ فَقَالَ : " مَنْ شَاءَ عَتَرَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَعْتِرْ ، وَمَنْ شَاءَ فَرَّعَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يُفَرِّعْ " ، وَعَنْ
أَبِي رَزِينٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009065يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، إِنَّا كُنَّا نَذْبَحُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ذَبَائِحَ فِي رَجَبٍ ، فَنَأْكُلُ مِنْهَا ، وَنُطْعِمُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " لَا بَأْسَ بِذَلِكَ " ، وَعَنْ
أَبِي رَمْلَةَ ، عَنْ
مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009066كُنَّا وُقُوفًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَرَفَاتٍ ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةٌ وَعَتِيرَةٌ هَلْ تَدْرِي مَا الْعَتِيرَةُ ؟ هِيَ الَّتِي تُسَمَّى الرَّجَبِيَّةَ " ، وَرَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ . قَالَ
التِّرْمِذِيُّ : حَدِيثٌ حَسَنٌ . وَقَالَ
الْخَطَّابِيُّ : هَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفُ الْمَخْرَجِ ; لِأَنَّ
أَبَا رَمْلَةَ مَجْهُولٌ ، هَذَا مُخْتَصَرُ مَا جَاءَ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي الْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ اهـ كَلَامُ
النَّوَوِيِّ .
وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ مُسْتَوْفًى عَلَى حَدِيثِ
مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ الْمُقْتَضِي : أَنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ : أُضْحِيَّةً وَعَتِيرَةً ، وَقَدْ عَلِمْتَ حُجَجَ الْفَرِيقَيْنِ فِي الْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ .
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْأَظْهَرَ عِنْدَنَا فِيهِمَا : النَّسْخُ ، وَيَتَرَجَّحُ ذَلِكَ بِأُمُورٍ : مِنْهَا أَنَّ حَدِيثَ
مُسْلِمٍ الْمُصَرِّحَ بِذَلِكَ أَصَحُّ مِنْ جَمِيعِ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ .
[ ص: 226 ] وَمِنْهَا أَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى النَّسْخِ فِي ذَلِكَ ، كَمَا ذَكَرَهُ
النَّوَوِيُّ عَنْ
عِيَاضٍ .
وَمِنْهَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَكَانُوا يَتَقَرَّبُونَ بِهِمَا [ لِطَوَاغِيتِهِمَا ] ، وَلِلْمُخَالِفِ أَنَّ يَقُولَ فِي هَذَا الْأَخِيرِ : إِنَّ الْمُسْلِمِينَ يَتَقَرَّبُونَ بِهِمَا لِلَّهِ وَيَتَصَدَّقُونَ بِلُحُومِهِمَا . وَلَمْ نَسْتَقْصِ أَقْوَالَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمَسْأَلَةِ لِقَصْدِ الِاخْتِصَارِ ، لِطُولِ الْكَلَامِ فِي مَوْضُوعِ آيَاتِ الْحَجِّ هَذِهِ .