الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      المسألة العشرون : في اختلاف اللغات أو الأزمنة في القذف أو الإقرار به .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن قدامة في " المغني " : ولو شهد شاهد أنه أقر بالعربية أنه قذفها وشهد آخر أنه أقر بذلك بالعجمية ، تمت الشهادة; لأن الاختلاف في العربية والعجمية عائد إلى الإقرار دون القذف ، ويجوز أن يكون القذف واحدا والإقرار به في مرتين ، وكذلك لو شهد أحدهما أنه أقر يوم الخميس بقذفها ، وشهد آخر أنه أقر بذلك يوم الجمعة تمت الشهادة لما ذكرناه ، وإن شهد أحدهما أنه قذفها بالعربية وشهد الآخر أنه قذفها بالعجمية ، أو شهد أحدهما أنه قذفها يوم الخميس ، وشهد الآخر أنه قذفها يوم الجمعة أو شهد أحدهما أنه أقر أنه قذفها بالعربية أو بالعجمية ، أو شهد أحدهما أنه أقر بأنه قذفها بالعربية ، أو يوم الخميس وشهد الآخر أنه أقر أنه قذفها بالعجمية أو يوم الجمعة ، أو يوم الخميس ، وشهد الآخر أنه قذفها يوم الجمعة ، ففيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما : تكمل الشهادة وهو قول أبي بكر ومذهب أبي حنيفة ; لأن الوقت ليس ذكره شرطا في الشهادة ، وكذلك اللسان فلم يؤثر الاختلاف ; كما لو شهد أحدهما أنه أقر بقذفها يوم الخميس بالعربية ، وشهد الآخر أنه أقر بقذفها يوم الجمعة بالعجمية ، والآخر : لا تكمل الشهادة ، وهو مذهب الشافعي ; لأنهما قذفان لم تتم الشهادة على واحد منهما فلم يثبت ، كما لو شهد أحدهما أنه تزوجها يوم الخميس ، وشهد الآخر أنه تزوجها يوم الجمعة [ ص: 482 ] وفارق الإقرار بالقذف فإنه يجوز أن يكون المقر به واحدا أقر به في وقتين بلسانين ، انتهى من " المغني " .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : هذه المسألة هي المعروفة عند العلماء بالشهادة هل تلفق في الأفعال والأقوال ، أو لا تلفق ؟ وبعضهم يقول تلفق في الأقوال دون الأفعال ، وبعضهم يقول : تلفق فيهما ، والفرق بينهما ليس بظاهر ، وقولهم : هما قذفان لم تتم الشهادة على واحد منهما قد يقال فيه ، وكذلك الإقرار المختلف وقته أو لسانه هما إقراران لم تتم الشهادة على واحد منهما ، وهذه المسألة لا نص فيها وكل من الأقوال فيها له وجه من النظر ، والخلاف المذكور وعدم النص لا يبعد أن يكون شبهة تدرأ الحد ، والعلم عند الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية