الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
الأمر بتنزيل الناس منازلهم ووجوب الكشف عمن له عيب من رواة الحديث
[ 6 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ; أنها قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=661981أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن nindex.php?page=treesubj&link=29150_29174ننزل الناس منازلهم .
استدل به nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم هكذا ولم يسنده ، وقد ذكره nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في مصنفه ، وأبو بكر البزار في مسنده ، وقال : لا يعلم إلا من حديث ميمون بن أبي شبيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
- وعن أبي عقيل يحيى بن المتوكل صاحب بهية ، قال : كنت جالسا عند القاسم بن عبيد الله ، ويحيى بن سعيد ، وقال يحيى للقاسم : يا أبا محمد ، إنه قبيح - على مثلك - عظيم أن تسأل عن شيء من أمر هذا الدين ، فلا يوجد عندك منه علم ولا فرج ، أو علم ولا مخرج . فقال له القاسم : وعم ذاك ؟ قال : لأنك ابن إمامي هدى ; ابن أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر ، قال : يقول له القاسم : أقبح من ذلك عند من عقل عن الله أن أقول بغير علم ، أو آخذ عن غير ثقة ، قال : فسكت فما أجابه .
- وفي رواية : فقال له يحيى بن سعيد : إني لأعظم أن يكون مثلك - وأنت ابن إمامي الهدى ; يعني nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر - تسأل عن أمر ليس عندك فيه علم ، فقال : أعظم من ذلك عند الله ، وعند من عقل عن الله ، أن أقول بغير علم ، أو آخذ عن غير ثقة .
- وقال nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان : لم نر أهل الخير في شيء أكذب منهم في الحديث .
قال nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : يقول : يجري الكذب على لسانهم ، ولا يتعمدون الكذب .
- وقال nindex.php?page=showalam&ids=11863أبو الزناد : أدركت بالمدينة مائة ، كلهم مأمون ، ما يؤخذ عنهم الحديث ، يقال : ليس من أهله .
- وقال يحيى بن سعيد : سألت nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=16102وشعبة ، ومالكا ، nindex.php?page=showalam&ids=16008وابن عيينة ، عن الرجل لا يكون ثبتا في الحديث ، فيأتيني الرجل فيسألني عنه ؟ فقالوا : أخبر عنه أنه ليس بثبت .
- وذكر nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن جماعة كثيرة من السلف nindex.php?page=showalam&ids=16418كابن المبارك ، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12341وأيوب السختياني ، وغيرهم : التنصيص على عيوب أقوام بأعيانهم ، وذكر كذب بعضهم ، والتحذير عن الرواية عنهم : بابا طويلا قال في آخره : وإنما ألزموا أنفسهم الكشف عن معايب رواة الحديث ، وناقلي الأخبار ، وأفتوا بذلك حين سئلوا ، لما فيه من عظيم الخطر ; إذ الأخبار في أمر الدين إنما تأتي بتحليل أو تحريم ، أو أمر أو نهي ، أو ترغيب أو ترهيب ; فإذا كان الراوي لها ليس بمعدن الصدق والأمانة ، ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه ، ولم يبين ما فيه لغيره ممن جهل معرفته : كان آثما بفعله ذلك ، غاشا لعوام المسلمين ; إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن يستعملها ، أو يستعمل بعضها ، ولعلها أو أكثرها أحاديث أكاذيب لا أصل لها .
فهذا الباب ما ذكره في صدر كتابه .
رواه مسلم ( 1 \ 6 - المقدمة ) ، وأبو داود ( 4842 ) مرفوعا من قوله صلى الله عليه وسلم - بلفظ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=676125أنزلوا الناس منازلهم " وفيه انقطاع .
(6) ومن باب : الأمر بتنزيل الناس منازلهم ووجوب الكشف عمن له عيب من رواة الحديث
(قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - : " أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ننزل الناس منازلهم ") . استدلال nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بهذا الحديث يدل ظاهرا على أنه لا بأس به ، وأنه مما يحتج به عنده ، وإنما لم يسنده في كتابه ; لأنه ليس على شرط كتابه .
وقد أسنده nindex.php?page=showalam&ids=13863أبو بكر البزار في مسنده ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقال : لا يعلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه ، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة من غير هذا الوجه موقوفا .
وقد ذكره nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في " مصنفه " ، فقال : حدثنا إسماعيل بن أبي خلف ; أن يحيى بن يمان أخبرهم ، عن سفيان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت ، عن ميمون بن [ ص: 126 ] أبي شبيب ; nindex.php?page=hadith&LINKID=676125أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة مر بها سائل فأعطته كسرة ، ومر بها رجل عليه ثياب زاهية ، فأقعدته فأكل ، فقيل لها في ذلك ، فقالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أنزلوا الناس منازلهم " . قال nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : قال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود : ميمون لم ير nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة .
قال المؤلف رحمه الله تعالى : وعلى هذا ، فالحديث منقطع ; فقد ظهر لأبي داود من هذا الحديث ما لم يظهر nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم ، ولو ظهر له ذلك ، لما جاز له أن يستدل به ، إلا أن يكون يعمل بالمراسيل ، والله أعلم أن nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلما إنما قال : وذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، وهو مشعر بضعفه ، وأنه لم يكن عنده مما يعتمده .
[ ص: 127 ] ومعنى هذا الحديث : nindex.php?page=treesubj&link=18076_26376_18307الحض على مراعاة مقادير الناس ، ومراتبهم ، ومناصبهم ، فيعامل كل أحد منهم بما يليق بحاله ، وبما يلائم منصبه في الدين والعلم والشرف والمرتبة ; فإن الله تعالى قد رتب عبيده وخلقه ، وأعطى كل ذي حق حقه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=653234خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا " .
و " أبو عقيل " هو : بفتح العين وكسر القاف ، واسمه : يحيى بن المتوكل ; كما ذكره في الأصل .
" وبهية " بضم الباء ، وفتح الهاء ، وما بعدها ، تصغير بهية ، وهي امرأة كانت تروي عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين ، وهي التي سمتها بهذا الاسم ، وكان هذا أبو عقيل قد روى عنها ، وعرف بها ; فنسب إلى صحبتها ، وقد خرج عنها nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود .
و (قول nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري للقاسم : " إنك ابن أبي بكر وعمر ") إنما صحت النسبتان على القاسم ; لأن أباه هو عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، وأمه هي ابنة القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وباسم جده هذا ، كان يكنى ; فـ " nindex.php?page=showalam&ids=2عمر " جده لأبيه الأعلى ، و " nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر " جده لأمه ; فصدقت عليه النسبتان .
و (قول nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان : " لم ير أهل الخير في شيء أكذب منهم في الحديث ") يعني به : الغلط والخطأ ; كما فسره nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . وسبب هذا : أن أهل الخير هؤلاء المعنيين غلبت عليهم العبادة ، فاشتغلوا بها عن الرواية ، فنسوا الحديث ، ثم إنهم [ ص: 128 ] تعرضوا للحديث فغلطوا ، أو كثر عليهم الوهم فترك حديثهم ، كما اتفق للعمري ، وفرقد السبخي ، وغيرهما .
و (قول nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد : " أدركت بالمدينة مائة كلهم مأمون ") يعني : أنهم كانوا موثوقا بهم في دينهم وأمانتهم ، غير أنهم لم يكونوا حفاظا للحديث ، ولا متقنين لروايته ، ولا متحرزين فيه ; فلم تكن لهم أهلية الأخذ عنهم ، وإن كانوا قد تعاطوا الحديث والرواية .
[ ص: 129 ] وفتيا سفيان ومن بعده هي التي يجب العمل بها . ولا يختلف المسلمون في ذلك ; كما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بعد هذا وأوضحه .
وحاصله أن ذكر مساوئ الراوي والشاهد القادحة في عدالتهما وفي روايتهما : أمر ضروري ; فيجب ذلك ; فإنه إن لم يفعل ذلك ، قبل خبر الكذاب ، وشهادة الفاسق ، وغش المسلمون ، وفسدت الدنيا والدين . ولا يلتفت لقول غبي جاهل يقول : ذلك غيبة ; لأنها وإن كانت من جنس الغيبة ، فهي واجبة بالأدلة القاطعة ، والبراهين الصادعة ; فهي مستثناة من تلك القواعد ; للضرورة الداعية .
(6) ومن باب : الأمر بتنزيل الناس منازلهم ووجوب الكشف عمن له عيب من رواة الحديث
(قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - : " أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ننزل الناس منازلهم ") . استدلال nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بهذا الحديث يدل ظاهرا على أنه لا بأس به ، وأنه مما يحتج به عنده ، وإنما لم يسنده في كتابه ; لأنه ليس على شرط كتابه .
وقد أسنده nindex.php?page=showalam&ids=13863أبو بكر البزار في مسنده ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقال : لا يعلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه ، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة من غير هذا الوجه موقوفا .
وقد ذكره nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في " مصنفه " ، فقال : حدثنا إسماعيل بن أبي خلف ; أن يحيى بن يمان أخبرهم ، عن سفيان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت ، عن ميمون بن [ ص: 126 ] أبي شبيب ; nindex.php?page=hadith&LINKID=676125أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة مر بها سائل فأعطته كسرة ، ومر بها رجل عليه ثياب زاهية ، فأقعدته فأكل ، فقيل لها في ذلك ، فقالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أنزلوا الناس منازلهم " . قال nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : قال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود : ميمون لم ير nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة .
قال المؤلف رحمه الله تعالى : وعلى هذا ، فالحديث منقطع ; فقد ظهر لأبي داود من هذا الحديث ما لم يظهر nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم ، ولو ظهر له ذلك ، لما جاز له أن يستدل به ، إلا أن يكون يعمل بالمراسيل ، والله أعلم أن nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلما إنما قال : وذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، وهو مشعر بضعفه ، وأنه لم يكن عنده مما يعتمده .
[ ص: 127 ] ومعنى هذا الحديث : nindex.php?page=treesubj&link=18076_26376_18307الحض على مراعاة مقادير الناس ، ومراتبهم ، ومناصبهم ، فيعامل كل أحد منهم بما يليق بحاله ، وبما يلائم منصبه في الدين والعلم والشرف والمرتبة ; فإن الله تعالى قد رتب عبيده وخلقه ، وأعطى كل ذي حق حقه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=653234خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا " .
و " أبو عقيل " هو : بفتح العين وكسر القاف ، واسمه : يحيى بن المتوكل ; كما ذكره في الأصل .
" وبهية " بضم الباء ، وفتح الهاء ، وما بعدها ، تصغير بهية ، وهي امرأة كانت تروي عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين ، وهي التي سمتها بهذا الاسم ، وكان هذا أبو عقيل قد روى عنها ، وعرف بها ; فنسب إلى صحبتها ، وقد خرج عنها nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود .
و (قول nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري للقاسم : " إنك ابن أبي بكر وعمر ") إنما صحت النسبتان على القاسم ; لأن أباه هو عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، وأمه هي ابنة القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وباسم جده هذا ، كان يكنى ; فـ " nindex.php?page=showalam&ids=2عمر " جده لأبيه الأعلى ، و " nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر " جده لأمه ; فصدقت عليه النسبتان .
و (قول nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان : " لم ير أهل الخير في شيء أكذب منهم في الحديث ") يعني به : الغلط والخطأ ; كما فسره nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . وسبب هذا : أن أهل الخير هؤلاء المعنيين غلبت عليهم العبادة ، فاشتغلوا بها عن الرواية ، فنسوا الحديث ، ثم إنهم [ ص: 128 ] تعرضوا للحديث فغلطوا ، أو كثر عليهم الوهم فترك حديثهم ، كما اتفق للعمري ، وفرقد السبخي ، وغيرهما .
و (قول nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد : " أدركت بالمدينة مائة كلهم مأمون ") يعني : أنهم كانوا موثوقا بهم في دينهم وأمانتهم ، غير أنهم لم يكونوا حفاظا للحديث ، ولا متقنين لروايته ، ولا متحرزين فيه ; فلم تكن لهم أهلية الأخذ عنهم ، وإن كانوا قد تعاطوا الحديث والرواية .
[ ص: 129 ] وفتيا سفيان ومن بعده هي التي يجب العمل بها . ولا يختلف المسلمون في ذلك ; كما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بعد هذا وأوضحه .
وحاصله أن ذكر مساوئ الراوي والشاهد القادحة في عدالتهما وفي روايتهما : أمر ضروري ; فيجب ذلك ; فإنه إن لم يفعل ذلك ، قبل خبر الكذاب ، وشهادة الفاسق ، وغش المسلمون ، وفسدت الدنيا والدين . ولا يلتفت لقول غبي جاهل يقول : ذلك غيبة ; لأنها وإن كانت من جنس الغيبة ، فهي واجبة بالأدلة القاطعة ، والبراهين الصادعة ; فهي مستثناة من تلك القواعد ; للضرورة الداعية .