nindex.php?page=treesubj&link=24594_30290_32007_33678_34513_28989nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21وكذلك أي فعلنا بهم ذلك الأمر العظيم من الربط على قلوبهم، والستر لأخبارهم والحماية من الظالمين والحفظ لأجسامهم على مر الزمان، وتعاقب الحدثان، ومثل ما فعلنا بهم ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21أعثرنا أي أظهرنا إظهارا اضطراريا، أهل البلد وأطلعناهم، وأصله أن الغافل عن الشيء ينظر إليه إذا عثر به نظر إليه فيعرفه، فكان العثار سببا لعلمه به فأطلق اسم السبب على المسبب
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21عليهم ليعلموا أي أهل البلد بعد أن كان حصل لبعضهم شك في حشر [الأجساد -] لأن اعتقاد اليهود والنصارى أن البعث إنما هو للروح فقط
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21أن وعد الله الذي له صفات الكمال بالبعث للروح والجسد معا
[ ص: 40 ] nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21حق لأن قيامهم بعد نومهم نيفا وثلاثمائة سنة مع خرق العادة بحفظ أبدانهم عن الفناء من غير أكل ولا شرب مثل قيام من مات بجسمه الذي كان سواء على أن مطلق النوم دال على ذلك كما قال بعض العارفين "علمك باليقظة بعد النوم علم بالبعث بعد الموت، والبرزخ واحد غير أن للروح بالجسم في النوم تعلقا لا يكون بالموت، وتستيقظ على ما نمت عليه كذلك تبعث على ما مت عليه" .
ولما كان من الحق ما قد يداخله شك قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21وأن أي وليعلموا أن
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21الساعة لا ريب فيها مبينا أنها ليست موضع شك أصلا لما قام عليها من أدلة العقل، المؤيد في كل عصر بقواطع النقل، ومن طالع تفسير "الزيتون" من كتابي هذا حصل له هذا ذوقا; ثم بين أن هذا الإعثار أتاهم بعلم نافع حال تجاذب وتنازع فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21إذ أي ليعلموا ذلك، وأعثرنا حين
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21يتنازعون أي أهل المدينة.
ولما كان التنازع في الغالب إنما يكون ما بين الأجانب، وكان تنازع هؤلاء مقصورا عليهم كان الأهم بيان محله فقدمه فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21بينهم أمرهم أي أمر أنفسهم في الحشر فقائل يقول: تحشر الأرواح مجردة، وقائل يقول: بأجسادها، أو أمر الفتية فقائل يقول: ناس صالحون، وناس يقولون: لا ندري من أمرهم غير أن الله تعالى
[ ص: 41 ] أراد هدايتنا بهم
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21فقالوا أي فتسبب عن هذا الإعثار أو التنازع أن قال أكثرهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21ابنوا عليهم على كل حال
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21بنيانا يحفظهم، واتركوا التنازع فيهم، ثم عللوا ذلك بقولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21ربهم أي المحسن إليهم بهدايتهم وحفظهم وهداية الناس بهم
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21أعلم بهم إن كانوا صالحين أو لا، وأما أنتم فلا طريق لكم إلى علم ذلك; ثم استأنف على طريق الجواب لمن كأنه قال: ماذا فعلوا؟ فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21قال الذين غلبوا على أي وقع أن كانوا غالبين على
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21أمرهم أي ظهروا [عليه -] وعلموا أنهم ناس صالحون فروا بدينهم من الكفار وضعف من ينازعهم; ويجوز - وهو أحسن - أن يكون الضمير لأهل البلد أو للغالبين أنفسهم، إشارة إلى أن الرؤساء منهم وأهل القوة كانوا أصلحهم [إيماء -] إلى أن الله تعالى أصلح بهم [أهل -] ذلك الزمان
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21لنتخذن عليهم ذلك البنيان الذي اتفقنا عليه
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21مسجدا وهذا دليل على أنهم حين ظهروا عليهم وكلموهم أماتهم الله بعد أن علموا أن لهم مدة طويلة لا يعيش مثلها أحد في ذلك الزمان، وقبل أن يستقصوا جميع أمرهم، وفي قصتهم ترغيب في الهجرة.
nindex.php?page=treesubj&link=24594_30290_32007_33678_34513_28989nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21وَكَذَلِكَ أَيْ فَعَلْنَا بِهِمْ ذَلِكَ الْأَمْرَ الْعَظِيمَ مِنَ الرَّبْطِ عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَالسَّتْرِ لِأَخْبَارِهِمْ وَالْحِمَايَةِ مِنَ الظَّالِمِينَ وَالْحِفْظِ لِأَجْسَامِهِمْ عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ، وَتَعَاقُبِ الْحَدَثَانِ، وَمِثْلُ مَا فَعَلْنَا بِهِمْ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21أَعْثَرْنَا أَيْ أَظْهَرْنَا إِظْهَارًا اضْطِرَارِيًّا، أَهْلَ الْبَلَدِ وَأَطْلَعْنَاهُمْ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْغَافِلَ عَنِ الشَّيْءِ يَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذَا عَثَرَ بِهِ نَظَرَ إِلَيْهِ فَيَعْرِفُهُ، فَكَانَ الْعِثَارُ سَبَبًا لِعِلْمِهِ بِهِ فَأُطْلِقَ اسْمُ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبِّبِ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَيْ أَهْلُ الْبَلَدِ بَعْدَ أَنْ كَانَ حَصَلَ لِبَعْضِهِمْ شَكٌّ فِي حَشْرِ [الْأَجْسَادِ -] لِأَنَّ اعْتِقَادَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَنَّ الْبَعْثَ إِنَّمَا هُوَ لِلرُّوحِ فَقَطْ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ الَّذِي لَهُ صِفَاتُ الْكَمَالِ بِالْبَعْثِ لِلرُّوحِ وَالْجَسَدِ مَعًا
[ ص: 40 ] nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21حَقٌّ لِأَنَّ قِيَامَهُمْ بَعْدَ نَوْمِهِمْ نَيِّفًا وَثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ مَعَ خَرْقِ الْعَادَةِ بِحِفْظِ أَبْدَانِهِمْ عَنِ الْفَنَاءِ مِنْ غَيْرِ أَكْلٍ وَلَا شُرْبٍ مِثْلُ قِيَامِ مَنْ مَاتَ بِجِسْمِهِ الَّذِي كَانَ سَوَاءً عَلَى أَنَّ مُطْلَقَ النَّوْمِ دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ "عِلْمُكَ بِالْيَقَظَةِ بَعْدَ النَّوْمِ عِلْمٌ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْبَرْزَخُ وَاحِدٌ غَيْرَ أَنَّ لِلرُّوحِ بِالْجِسْمِ فِي النَّوْمِ تَعَلُّقًا لَا يَكُونُ بِالْمَوْتِ، وَتَسْتَيْقِظُ عَلَى مَا نِمْتَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ تُبْعَثُ عَلَى مَا مِتَّ عَلَيْهِ" .
وَلَمَّا كَانَ مِنَ الْحَقِّ مَا قَدْ يُدَاخِلُهُ شَكٌّ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21وَأَنَّ أَيْ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا مُبَيِّنًا أَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْضِعَ شَكٍّ أَصْلًا لِمَا قَامَ عَلَيْهَا مِنْ أَدِلَّةِ الْعَقْلِ، الْمُؤَيَّدِ فِي كُلِّ عَصْرٍ بِقَوَاطِعِ النَّقْلِ، وَمَنْ طَالَعَ تَفْسِيرَ "الزَّيْتُونِ" مِنْ كِتَابِي هَذَا حَصَلَ لَهُ هَذَا ذَوْقًا; ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْإِعْثَارَ أَتَاهُمْ بِعِلْمٍ نَافِعٍ حَالَ تَجَاذُبٍ وَتَنَازُعٍ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21إِذْ أَيْ لِيَعْلَمُوا ذَلِكَ، وَأَعْثَرْنَا حِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21يَتَنَازَعُونَ أَيْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ.
وَلَمَّا كَانَ التَّنَازُعُ فِي الْغَالِبِ إِنَّمَا يَكُونُ مَا بَيْنَ الْأَجَانِبِ، وَكَانَ تَنَازُعُ هَؤُلَاءِ مَقْصُورًا عَلَيْهِمْ كَانَ الْأَهَمُّ بَيَانَ مَحَلِّهِ فَقَدَّمَهُ فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ أَيْ أَمْرَ أَنْفُسِهِمْ فِي الْحَشْرِ فَقَائِلٌ يَقُولُ: تُحْشَرُ الْأَرْوَاحُ مُجَرَّدَةً، وَقَائِلٌ يَقُولُ: بِأَجْسَادِهَا، أَوْ أَمْرَ الْفِتْيَةِ فَقَائِلٌ يَقُولُ: نَاسٌ صَالِحُونَ، وَنَاسٌ يَقُولُونَ: لَا نَدْرِي مِنْ أَمْرِهِمْ غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى
[ ص: 41 ] أَرَادَ هِدَايَتَنَا بِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21فَقَالُوا أَيْ فَتَسَبَّبَ عَنْ هَذَا الْإِعْثَارِ أَوِ التَّنَازُعِ أَنْ قَالَ أَكْثَرُهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21ابْنُوا عَلَيْهِمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21بُنْيَانًا يَحْفَظُهُمْ، وَاتْرُكُوا التَّنَازُعَ فِيهِمْ، ثُمَّ عَلَّلُوا ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21رَبُّهُمْ أَيِ الْمُحْسِنُ إِلَيْهِمْ بِهِدَايَتِهِمْ وَحِفْظِهِمْ وَهِدَايَةِ النَّاسِ بِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21أَعْلَمُ بِهِمْ إِنْ كَانُوا صَالِحِينَ أَوْ لَا، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَا طَرِيقَ لَكُمْ إِلَى عِلْمِ ذَلِكَ; ثُمَّ اسْتَأْنَفَ عَلَى طَرِيقِ الْجَوَابِ لِمَنْ كَأَنَّهُ قَالَ: مَاذَا فَعَلُوا؟ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَيْ وَقَعَ أَنْ كَانُوا غَالِبِينَ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21أَمْرَهُمْ أَيْ ظَهَرُوا [عَلَيْهِ -] وَعَلِمُوا أَنَّهُمْ نَاسٌ صَالِحُونَ فَرُّوا بِدِينِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَضَعْفِ مَنْ يُنَازِعُهُمْ; وَيَجُوزُ - وَهُوَ أَحْسَنُ - أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِأَهْلِ الْبَلَدِ أَوْ لِلْغَالِبِينَ أَنْفُسِهِمْ، إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الرُّؤَسَاءَ مِنْهُمْ وَأَهْلَ الْقُوَّةِ كَانُوا أَصْلَحَهُمْ [إِيمَاءً -] إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَصْلَحَ بِهِمْ [أَهْلَ -] ذَلِكَ الزَّمَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ الْبُنْيَانَ الَّذِي اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21مَسْجِدًا وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ حِينَ ظَهَرُوا عَلَيْهِمْ وَكَلَّمُوهُمْ أَمَاتَهُمُ اللَّهُ بَعْدَ أَنْ عَلِمُوا أَنَّ لَهُمْ مُدَّةً طَوِيلَةً لَا يَعِيشُ مِثْلَهَا أَحَدٌ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَقَبْلَ أَنْ يَسْتَقْصُوا جَمِيعَ أَمْرِهِمْ، وَفِي قِصَّتِهِمْ تَرْغِيبٌ فِي الْهِجْرَةِ.