الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الشرط الثاني : أن يحصل عتق نصيبه باختيار ، فلو ملك بعض من يعتق عليه بالقرابة ، نظر ، إن ملكه لا باختياره بأن ورثه ، لم يسر ، وإن ملكه باختيار ، فإن كان بطريق يقصد به اجتلاب الملك كالشراء ، وقبول الهدية والوصية ، سرى ، وإن كان بطريق لا يقصد به التملك غالبا ، لكنه يتضمنه ، فإن كانت عبدا ، فاشترى شقصا ممن يعتق على سيده ، ثم عجزه سيده فصار الشقص له ، وعتق ، لم يسر على الأصح ، وبه قال ابن الحداد .

                                                                                                                                                                        وإن عجز المكاتب نفسه ، لم يسر ، لعدم اختيار سيده . ولو باع شقصا ممن يعتق على وارثه ، بأن باع ابن أخيه بثوب ومات ، ووارثه أخوه ، فوجد بالثوب عيبا ، فرده ، واسترد الشقص ، وعتق عليه ، ففي السراية وجهان ; لأنه تسبب في تملكه ، لكن مقصوده رد الثوب .

                                                                                                                                                                        قلت : الأصح هنا السراية . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        ولو وجد مشتري الشقص به عيبا ، فرده ، فلا سراية ، كالإرث . ولو أوصى لزيد بشقص ممن يعتق على وارثه ، بأن أوصى له ببعض جارية ، له منها ابن ، أو أوصى له ببعض ابن أخيه ، ومات زيد قبل قبول الوصية ، فقبلها ابنه أو أخوه ، عتق عليه الشقص ، ولا سراية [ ص: 118 ] على الأصح ; لأن بقبوله يدخل الشقص في ملك الوارث ، ثم ينتقل إليه بالإرث . فلو أوصى له بشقص ممن يعتق عليه ، ولا يعتق على وارثه ، بأن أوصى له بشقص من أمة ، ووارثه أخوه من أبيه ، فمات وقبل الوصية أخوه ، عتق ذلك الشقص على الميت ، ويسري إن كان له تركة يفي ثلثها بقيمة الباقي ; لأن قبول وارثه كقبوله في الحياة . قال الإمام : هكذا ذكره الأصحاب ، وفيه وقفة ; لأن القبول حصل بغير اختياره . ولو باع عبدا لابنه ولأجنبي صفقة واحدة ، عتق نصيب الابن ، وقوم عليه نصيب الشريك .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية