الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ( 11 ) ) .

قوله تعالى : ( منه شراب ) : من هنا للتبعيض ، و " من " الثانية للسببية ; أي وبسببه إثبات شجر ; ودل على ذلك قوله : " ينبت لكم به الزرع " .

[ ص: 104 ] قال تعالى : ( وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ( 12 ) ) .

قوله تعالى : ( والشمس والقمر ) : يقرآن بالنصب عطفا على ما قبلهما ; ويقرآن بالرفع على الاستئناف . و " النجوم " كذلك . و " مسخرات " على القراءة الأولى حال ، وعلى الثانية خبر .

قال تعالى : ( وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون ( 13 ) ) .

قوله تعالى : ( وما ذرأ لكم ) : في موضع نصب بفعل محذوف ; أي وخلق ، أو وأنبت .

و ( مختلفا ) : حال منه .

قال تعالى : ( وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ( 14 ) ) .

قوله تعالى : ( منه لحما ) : من لابتداء الغاية .

وقيل : التقدير : لتأكلوا من حيوانه لحما .

( فيه ) : يجوز أن يتعلق بمواخر ; لأن معناه جواري ; إذ كان مخر وشق وجرى قريبا بعضه من بعض .

ويجوز أن يكون حالا من الضمير في مواخر .

قال تعالى : ( وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون وعلامات وبالنجم هم يهتدون ( 15 ) ) .

قوله تعالى : ( أن تميد ) : أي مخافة أن تميد .

و ( أنهارا ) : أي وشق أنهارا .

و ( علامات ) : أي وضع علامات . ويجوز أن تعطف على " رواسي " . و " بالنجم " : يقرأ على لفظ الواحد ، وهو جنس . وقيل : يراد به : الجدي ; وقيل : الثريا .

[ ص: 105 ] ويقرأ بضم النون والجيم ; وفيه وجهان ؛ أحدهما :

هو جمع نجم ، مثل سقف وسقف . والثاني : أنه أراد النجوم ، فحذف الواو ، كما قالوا في أسد : أسود وأسد ، وقالوا في خيام : خيم .

ويقرأ بسكون الجيم ، وهو مخفف من المضموم .

قال تعالى : ( أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون ( 21 ) ) .

قوله تعالى : ( أموات ) : إن شئت جعلته خبرا ثانيا لـ " هم " أي وهم يخلقون ويموتون . وإن شئت جعلت " يخلقون وأموات " خبرا واحدا ; وإن شئت كان خبر مبتدأ محذوف ; أي هم أموات .

قوله تعالى : ( غير أحياء ) : صفة مؤكدة .

ويجوز أن يكون قصد بها أنهم في الحال غير أحياء ; ليدفع به توهم أن قوله : " أموات " فيما بعد ; إذ قد قال تعالى : ( إنك ميت ) [ الزمر : 30 ] أي ستموت .

و ( أيان ) : منصوب بـ " يبعثون " لا بـ " يشعرون " .

التالي السابق


الخدمات العلمية