الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا ( 17 ) ) . قوله تعالى : ( وكم أهلكنا ) : " كم " هنا خبر في موضع نصب بأهلكنا .

[ ص: 124 ] ( من القرون ) : وقد ذكر نظيره في قوله : كم آتيناهم من آية ) [ البقرة : 211 ] .

قال تعالى : ( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ( 18 ) ) .

قوله تعالى : ( من كان ) : " من " مبتدأ ، وهي شرط . و " عجلنا " جوابه .

( لمن نريد ) : هو بدل من " له " بإعادة الجار .

( يصلاها ) : حال من جهنم ، أو من الهاء في له .

و ( مذموما ) : حال من الفاعل في يصلى .

قال تعالى : ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ( 19 ) ) .

قوله تعالى : ( سعيها ) : يجوز أن يكون مفعولا به ; لأن المعنى : عمل عملها .

و " لها " : من أجلها . وأن يكون مصدرا .

قال تعالى : ( كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا ( 20 ) ) .

قوله تعالى : ( كلا ) : هو منصوب بـ " نمد " والتقدير : كل فريق .

و ( هؤلاء وهؤلاء ) : بدل من كل . و " من " متعلقة بـ " نمد " .

والعطاء : اسم للمعطى .

قال تعالى : ( انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا ( 21 ) ) . قوله تعالى : ( كيف ) : منصوب بـ " فضلنا " على الحال ، أو على الظرف .

قال تعالى : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ( 23 ) ) .

قوله تعالى : ( ألا تعبدوا ) : يجوز أن تكون " أن " بمعنى أي ; وهي مفسرة لمعنى قضى ، " ولا " : نهي .

ويجوز أن تكون في موضع نصب ; أي ألزم ربك عبادته ، و " لا " زائدة .

ويجوز أن يكون " قضى " بمعنى أمر ، ويكون التقدير : بأن لا تعبدوا .

قوله تعالى : ( وبالوالدين إحسانا ) : قد ذكر في البقرة .

[ ص: 125 ] ( إما يبلغن ) : إن شرطية ، وما زائدة للتوكيد ، ويبلغن هو فعل الشرط ، والجزاء : " فلا تقل " .

ويقرأ " يبلغان " والألف فاعل .

و ( أحدهما أو كلاهما ) : بدل منه . وقال أبو علي : هو توكيد .

ويجوز أن يكون أحدهما مرفوعا بفعل محذوف ; أي إن بلغ أحدهما أو كلاهما ; وفائدته التوكيد أيضا .

ويجوز أن تكون الألف حرفا للتثنية ، والفاعل أحدهما .

( أف ) : اسم للفعل ، ومعناه التضجر والكراهية . والمعنى : لا تقل لهما : كفا ، أو اتركا .

وقيل : هو اسم للجملة الخبرية ; أي كرهت ، أو ضجرت من مداراتكما .

فمن كسر بناء على الأصل ، ومن فتح طلب التخفيف ، مثل رب ، ومن ضم أتبع ، ومن نون أراد التنكير ، ومن لم ينون أراد التعريف ، ومن خفف الفاء حذف أحد المثلين تخفيفا .

قال تعالى : ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا ( 24 ) ) .

قوله تعالى : ( جناح الذل ) : بالضم ، وهو ضد العز ، وبالكسر - وهو الانقياد - ضد الصعوبة .

( من الرحمة ) : أي من أجل رفقك بهما ، فمن متعلقة باخفض . ويجوز أن تكون حالا من جناح .

( كما ) : نعت لمصدر محذوف ; أي رحمة مثل رحمتهما .

قال تعالى : ( وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا ( 28 ) ) .

قوله تعالى : ( ابتغاء رحمة ) : مفعول له ، أو مصدر في موضع الحال .

( ترجوها ) : يجوز أن يكون وصفا للرحمة ، وأن يكون حالا من الفاعل .

[ ص: 126 ] و ( من ربك ) : يتعلق بترجوها ; ويجوز أن يكون صفة لرحمة .

قال تعالى : ( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا ( 29 ) ) . قوله تعالى : ( كل البسط ) : منصوبة على المصدر ; لأنها مضافة إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية