الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
رجل مات عن بنين وبنات فادعى رجل أن أباه أعتقه ، وهو يملكه وشهد ابنا الميت على ذلك ، وادعى آخر أن أباه أعتقه فأقرت بذلك بنت الميت ، فالإقرار باطل والشهادة جائزة ; لأن الابنين يشهدان على أبيهما بالولاء ولا تهمة في شهادة الولد على والده ثم الإقرار لا يعارض البينة ; لأن الإقرار لا يعدو المقر ، والشهادة حجة في حق الناس كافة ، فلا بد من أن يقضي القاضي بأن الميت معتق أب المدعي ، ومن ضرورة هذا القضاء تكذيب الابنة فيما أقرت به ، فسقط اعتبار إقرارهما وهو بمنزلة ما لو مات عن ألف درهم وابنين وابنة ، وادعى رجل دينا ألف درهم على الميت ، وشهد له ابنا الميت وادعى آخر دينا [ ص: 104 ] ألف درهم وأقرت ابنة الميت بذلك ، فإنه لا يلتفت إلى إقرارها ، ويجعل المال كله للذي أثبت دينه بالبينة ، ولو شهد للآخر ابن له وابنتان ولم يوقتوا وقتا كان الولاء بينهما نصفين للمساواة بين الحجتين ، فإن شهادة النساء مع الرجال في الولاء مثل شهادة الرجال ولا ترجيح من حيث التاريخ في إحدى البينتين ، فلهذا كان الولاء بينهما نصفين ، ولو جاء رجل من الموالي فادعى على عربي أنه مولاه ، وأن أباه أعتق أباه وجاء بأخويه لأبيه يشهدان بذلك ، والعربي ينكره لم تقبل شهادتهما ; لأن في الحقيقة هذا منهم دعوى ، فإن المدعي مع أخويه في هذا الولاء سواء ; لأنهما يشهدان لأبيهما مالا ، فإن الولاء كالنسب تتحقق الدعوى فيه من الجانبين ، فإذا كان العربي منكرا كان المدعي هو الابن الذي يدعي الولاء بطريق الخلافة عن أبيه ، فيجعل كأن الأب حي يدعيه وشهادة الابنين لأبيهما فيما يدعيه لا تكون مقبولة وإن ادعى العربي ذلك وأنكره المولى جازت الشهادة ; لأن إنكار الابن كإنكار أبيه لو كان حيا ، فإنهما يشهدان على أبيهما بالولاء للعربي ولا تهمة في هذه الشهادة .

التالي السابق


الخدمات العلمية