الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) الذي يرجع إلى المديون فمنها القدرة على قضاء الدين حتى لو كان معسرا لا يحبس لقوله سبحانه وتعالى { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } ، ولأن الحبس لدفع الظلم بإيصال حقه إليه ولو ظلم فيه لعدم القدرة ولأنه إذا لم يقدر على قضاء الدين لا يكون الحبس مفيدا ; لأن الحبس شرع للتوسل إلى قضاء الدين لا لعينه ، ومنها المطل وهو تأخير قضاء الدين لقوله عليه الصلاة والسلام مطل الغني ظلم فيحبس دفعا للظلم لقضاء الدين بواسطة الحبس ، وقوله عليه الصلاة والسلام { لي الواجد يحل عرضه وعقوبته } والحبس عقوبة ، وما لم يظهر منه المطل لا يحبس لانعدام المطل واللي منه ومنها ، أن يكون من عليه الدين ممن سوى الوالدين لصاحب الدين فلا يحبس الوالدون وإن علوا بدين المولودين وإن سفلوا لقوله تبارك وتعالى { وصاحبهما في الدنيا معروفا } وقوله تعالى { وبالوالدين إحسانا } وليس من المصاحبة بالمعروف والإحسان حبسهما بالدين إلا أنه إذا امتنع الوالد من الإنفاق على ولده الذي عليه نفقته فإن القاضي يحبسه لكن تعزيرا لا حبسا بالدين .

                                                                                                                                ( وأما ) الولد فيحبس بدين الوالد ; لأن المانع من الحبس حق الوالدين ، وكذا سائر الأقارب يحبس المديون بدين قريبه كائنا من كان ، ويستوي في الحبس الرجل والمرأة ; لأن الموجب للحبس لا يختلف بالذكورة والأنوثة ويحبس ولي الصغير إذا كان ممن يجوز له قضاء دينه ; لأنه إذا كان الظلم بسبيل من قضاء دينه صار بالتأخير ظالما فيحبس ليقضي الدين فيندفع الظلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية