الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون )

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أن هذه الآية دالة على كيفية خلقه آدم - عليه السلام - وعلى كيفية تعظيم الله تعالى إياه ، فيكون ذلك إنعاما عاما على جميع بني آدم ، فيكون هذا هو النعمة الثالثة من تلك النعم العامة التي أوردها في هذا الموضع ثم فيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 147 ]

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : في إذ قولان :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : أنه صلة زائدة إلا أن العرب يعتادون التكلم بها ، والقرآن نزل بلغة العرب .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : وهو الحق أنه ليس في القرآن ما لا معنى له ، وهو نصب بإضمار اذكر ، والمعنى : اذكر لهم قال ربك للملائكة فأضمر هذا لأمرين :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : أن المعنى معروف .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : أن الله تعالى قد كشف ذلك في كثير من المواضع كقوله : ( واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف ) [الأحقاف : 21] وقال : ( واذكر عبدنا داود ) [ص : 17] ، ( واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين ) [يس : 13 ، 14] والقرآن كله كالكلمة الواحدة ، ولا يبعد أن تكون هذه المواضع المصرحة نزلت قبل هذه السورة ، فلا جرم ترك ذلك ههنا اكتفاء بذلك المصرح ، قال صاحب الكشاف : ويجوز أن ينتصب " إذ " بقالوا .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية