الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( إنها ساءت مستقرا ومقاما ( 66 ) والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ( 67 ) والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما ( 68 ) ) .

[ ص: 266 ] قوله تعالى : ( مستقرا ) : هو تمييز ، و " ساءت " بمعنى بئس .

و ( يقتروا ) : بفتح الياء ، وفي التاء وجهان ؛ الكسر ، والضم ؛ وقد قرئ بهما . والماضي ثلاثي ؛ يقال : قتر يقتر ويقتر .

ويقرأ بضم الياء وكسر التاء ، والماضي أقتر ، وهي لغة ، وعليها جاء : ( وعلى المقتر قدره ) [ البقرة : 236 ] .

( وكان بين ذلك ) : أي وكان الإنفاق . و " قواما " الخبر .

ويجوز أن يكون " بين " الخبر ، و " قواما " حالا .

( إلا بالحق ) : في موضع الحال ، والتقدير : إلا مستحقين .

والأثام : اسم مثل السلام والكلام .

قال تعالى : ( يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا ( 69 ) إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ( 70 ) ) .

قوله تعالى : ( يضاعف ) : يقرأ بالجزم على البدل من " يلق " إذ كان من معناه ؛ لأن مضاعفة العذاب لقى الآثام .

وقرئ بالرفع شاذا على الاستئناف .

و ( يخلد ) : الجمهور على فتح الياء .

ويقرأ بضمها وفتح اللام على ما لم يسم فاعله ، وماضيه أخلد بمعنى خلد .

و ( مهانا ) : حال .

( إلا من تاب ) : استثناء من الجنس ؛ في موضع نصب .

.

[ ص: 267 ] قال تعالى : ( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ( 74 ) ) .

قوله تعالى : ( وذرياتنا ) : يقرأ على الإفراد ، وهو جنس في معنى الجمع ؛ وبالجمع .

و ( قرة ) : هو المفعول . و " من أزواجنا وذرياتنا " : يجوز أن يكون حالا من " قرة " ، وأن يكون معمول " هب " والمحذوف من ( هب ) فاؤه ؛ والأصل كسر الهاء ؛ لأن الواو لا تسقط إلا على هذا التقدير : مثل يعد ، إلا أن الهاء فتحت من يهب ؛ لأنها حلقية فهي عارضة ؛ فلذلك لم تعد الواو كما لم تعد في " يسع ويدع "

. قوله تعالى : ( إماما ) : فيه أربعة أوجه ؛ أحدها : أنه مصدر ، مثل قيام وصيام ، فلم يجمع لذلك ، والتقدير : ذوي إمام . والثاني : أنه جمع إمامة ، مثل حال وحلال .

والثالث : هو جمع آم ، من أم يؤم ، مثل حال وحلال .

والرابع : أنه واحد اكتفى به عن أئمة ، كما قال تعالى : ( نخرجكم طفلا ) [ الحج : 5 ] .

قال تعالى : ( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما ( ) 76 ) ) .

قوله تعالى : ( ويلقون ) : يقرأ بالتخفيف وتسمية الفاعل ؛ وبالتشديد وترك التسمية .

والفاعل في " حسنت " ضمير الغرفة .

قال تعالى : ( قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما ( 77 ) ) .

قوله تعالى : ( ما يعبأ بكم ) : فيه وجهان ؛ أحدهما : ما يعبأ بخلقكم لولا دعاؤكم ؛ أي توحيدكم . والثاني : ما يعبأ بعذابكم لولا دعاؤكم معه آلهة أخرى .

قوله تعالى : ( فسوف يكون ) : اسم كان مضمر ، دل عليه الكلام المتقدم ، أو يكون الجزاء أو العذاب .

و ( لزاما ) : أي ذا لزام ، أو ملازما ، فأوقع المصدر موقع اسم الفاعل ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية