الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون ( 78 ) ) .

قوله تعالى : ( على علم ) : هو في موضع الحال .

و ( عندي ) : صفة لعلم .

ويجوز أن يكون ظرفا لأوتيته ؛ أي أوتيته فيما أعتقد على علم .

و ( من قبله ) : ظرف لأهلك ، و " من " : مفعول أهلك .

و ( من القرون ) : فيه وجهان :

أحدهما : أن يتعلق بأهلك ، وتكون " من " لابتداء الغاية .

[ ص: 296 ] والثاني : أن يكون حالا من " من " كقولك : أهلك الله من الناس زيدا .

قوله تعالى : ( ولا يسأل ) : يقرأ على ما لم يسم فاعله ، وهو ظاهر ، وبتسمية الفاعل ؛ و " المجرمون " : الفاعل ؛ أي لا يسألون غيرهم عن عقوبة ذنوبهم لاعترافهم بها .

ويقرأ " المجرمين " أي لا يسألهم الله تعالى .

قال تعالى : ( فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم ( 79 ) وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون ( 80 ) ) .

قوله تعالى : ( في زينته ) : هو حال من ضمير الفاعل في خرج .

و ( ويلكم ) : مفعول فعل محذوف ؛ أي ألزمكم الله ويلكم .

و ( خير لمن آمن ) : مثل قوله : ( وما عند الله خير للأبرار ) [ آل عمران : 198 ] . وقد ذكر .

( ولا يلقاها ) : الضمير للكلمة التي قالها العلماء ، أو للإنابة ؛ لأنها في معنى الثواب . أو للأعمال الصالحة .

قال تعالى : ( وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون ( 82 ) و ( بالأمس ) : ظرف لتمنوا .

ويجوز أن يكون حالا من " مكانه " لأن المراد بالمكان هنا الحالة والمنزلة ، وذلك مصدر .

قوله تعالى : ( ويكأن الله ) : " وي " تعجب ، وكأن القوم نبهوا فانتبهوا ، فقالوا : وي كأن الأمر كذا وكذا ؛ ولذلك فتحت الهمزة من " أن " .

وقال الفراء : الكاف موصولة بوي ؛ أي ويك اعلم أن الله يبسط ، وهو ضعيف لوجهين : أحدهما : أن معنى الخطاب هنا بعيد . والثاني : أن تقدير " وي اعلم " لا نظير له ، وهو غير سائغ في كل موضع .

[ ص: 297 ] ( لخسف ) : على التسمية وتركها ، وبالإدغام والإظهار .

ويقرأ بضم الخاء وسكون السين على التخفيف ؛ والإدغام على هذا ممتنع .

قال تعالى : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ( 83 ) ) .

قوله تعالى : ( تلك الدار ) : " تلك " مبتدأ ، و " الدار " نعت ، ونجعلها الخبر .

قال تعالى : ( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين ( 85 ) ) .

قوله تعالى : ( أعلم من جاء ) : " من " في موضع نصب على ما ذكر في قوله تعالى : ( أعلم من يضل عن سبيله ) [ الأنعام : 117 ] في الأنعام .

قال تعالى : ( وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين ( 86 ) ) .

قوله تعالى : ( إلا رحمة ) : أي ولكن ألقي رحمة ، أي للرحمة .

قال تعالى : ( ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون ( 88 ) ) .

قوله تعالى : ( إلا وجهه ) : استثناء من الجنس ؛ أي إلا إياه ، أو ما عمل لوجهه سبحانه .

التالي السابق


الخدمات العلمية