الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( 30 ) منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين ( 31 ) ) .

قوله تعالى : ( فطرة الله ) أي الزموا ، أو اتبعوا دين الله .

و ( منيبين ) : حال من الضمير في الفعل المحذوف .

وقيل : هو حال من ضمير الفاعل في " أقم " لأنه في المعنى للجميع .

وقيل : " فطرة الله " مصدر ؛ أي فطركم فطرة .

قال تعالى : ( من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ( 32 ) ) .

قوله تعالى : ( من الذين فرقوا ) : هو بدل من المشركين ، بإعادة الجار .

قال تعالى : ( ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون ( 34 ) ) .

قوله تعالى : ( ليكفروا ) : اللام بمعنى كي .

وقيل : هو أمر بمعنى التوعد ؛ كما قال بعده : " فتمتعوا " .

قال تعالى : ( أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون ( 35 ) ) .

والسلطان يذكر لأنه بمعنى الدليل ، ويؤنث لأنه بمعنى الحجة .

وقيل : هو جمع سليط ، كرغيف ورغفان .

قال تعالى : ( وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون ( 36 ) ) .

قوله تعالى : ( إذا هم ) : إذا مكانية للمفاجأة نابت عن الفاء في جواب الشرط ؛ لأن المفاجأة تعقيب ؛ ولا يكون أول الكلام ، كما أن الفاء كذلك ، وقد دخلت الفاء عليها في بعض المواضع زائدة .

[ ص: 307 ] قال تعالى : ( وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ( 39 ) ) .

قوله تعالى : ( وما آتيتم ) : " ما " في موضع نصب بآتيتم . والمد بمعنى أعطيتم والقصر بمعنى جئتم وقصدتم .

قوله تعالى : ( ليربو ) : أي الربا .

( فأولئك ) : هو رجوع من الخطاب إلى الغيبة .

قال تعالى : ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ( 41 ) ) .

قوله تعالى : ( ليذيقهم ) : متعلق بظهر ؛ أي ليصير حالهم إلى ذلك . وقيل : التقدير عاقبهم ليذيقهم .

قال تعالى : ( ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين ( 47 ) ) .

قوله تعالى : ( وكان حقا ) : " حقا " خبر كان مقدم ، و " نصر " : اسمها .

ويجوز أن يكون " حقا " مصدرا ، و " علينا " : الخبر .

ويجوز أن يكون في " كان " ضمير الشأن و " حقا " : مصدر ، و " علينا نصر " مبتدأ وخبر في موضع خبر كان .

قال تعالى : ( الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون ( 48 ) ) .

قوله تعالى : ( كسفا ) : بفتح السين على أنه جمع كسفة ، وسكونها على هذا المعنى تخفيف . ويجوز أن يكون مصدرا ؛ أي ذا كسف .

والهاء في " خلاله " للسحاب ، وقيل : للكسف .

قال تعالى : ( وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين ( 49 ) ) .

[ ص: 308 ] قوله تعالى : ( من قبله ) : قيل : هي تكرير لقبل الأولى ، والأولى أن تكون الهاء فيها للسحاب ، أو للريح ، أو للكسف . والمعنى : وإن كانوا من قبل نزول المطر من قبل السحاب أو الريح ؛ فتتعلق " من " بينزل .

قال تعالى : ( فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير ( 50 ) ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون ( 51 ) ) .

قوله تعالى : ( إلى آثار ) : يقرأ بالإفراد والجمع .

و ( يحيي ) بالياء على أن الفاعل الله ، أو الأثر ، أو معنى الرحمة .

وبالتاء على أن الفاعل آثار ، أو الرحمة .

والهاء في " رأوه " للزرع ؛ وقد دل عليه " يحيي الأرض " . وقيل : للريح . وقيل : للسحاب .

( لظلوا ) أي ليظلن ؛ لأنه جواب الشرط ؛ وكذا أرسلنا بمعنى : نرسل .

قال تعالى : ( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير ( 54 ) ) .

والضعف - بالفتح والضم لغتان .

قال تعالى : ( فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون ( 57 ) ) .

قوله تعالى : ( لا ينفع ) : بالتاء على اللفظ وبالياء على معنى العذر ؛ أو لأنه فصل بينهما ، أو لأنه غير حقيقي . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية