الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون ( 22 ) ) .

[ ص: 340 ] قوله تعالى : ( وما لي ) : الجمهور على فتح الياء ؛ لأن ما بعدها في حكم المتصل بها ؛ إذ كان لا يحسن الوقف عليها والابتداء بما بعدها . و ( مالي لا أرى الهدهد ) [ النمل : 20 ] . بعكس ذلك .

قال تعالى : ( أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون ( 23 ) ) .

قوله تعالى : ( لا تغن عني ) : هو جواب الشرط ؛ ولا يجوز أن تقع " ما " مكان " لا " هنا ؛ لأن " ما " تنفي ما في الحال ، وجواب الشرط مستقبل لا غير .

قال تعالى : ( قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون ( 26 ) بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ( 27 ) ) .

قوله تعالى : ( بما غفر لي ) : في " ما " ثلاثة أوجه ؛ أحدها : مصدرية ؛ أي بغفرانه . والثاني : بمعنى الذي ؛ أي بالذنب الذي غفره . والثالث : استفهام على التعظيم ؛ ذكره بعض الناس ؛ وهو بعيد ؛ لأن " ما " في الاستفهام إذا دخل عليه حرف الجر حذفت ألفها ، وقد جاء في الشعر بغير حذف .

قال تعالى : ( وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين ( 28 ) ) .

قوله تعالى : ( وما أنزلنا ) : " ما " نافية ، وهكذا : " وما كنا " .

ويجوز أن تكون " ما " الثانية زائدة ؛ أي وقد كنا . وقيل : هي اسم معطوف على " جند " .

قال تعالى : ( إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون ( 29 ) ) .

قوله تعالى : ( إن كانت إلا صيحة ) : اسم كان مضمر ؛ أي ما كانت الصيحة إلا صيحة ؛ والغرض وصفها بالاتحاد . وإذا للمفاجأة . والله أعلم .

قال تعالى : ( يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون ( 30 ) ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون ( 31 ) ) .

قوله تعالى : ( ياحسرة ) : فيه وجهان ؛ أحدهما : أن " حسرة " منادى ؛ أي يا حسرة احضري ؛ فهذا وقتك .

[ ص: 341 ] و ( على ) : تتعلق بحسرة ؛ فلذلك نصبت ؛ كقولك : يا ضاربا رجلا . والثاني : المنادى محذوف ، و " حسرة " مصدر ؛ أي أتحسر حسرة .

ويقرأ في الشاذ " يا حسرة العباد " أي يا تحسيرهم ؛ فالمصدر مضاف إلى الفاعل ؛ ويجوز أن يكون مضافا إلى المفعول ؛ أي أتحسر على العباد .

قوله تعالى : ( ما يأتيهم من رسول ) : الجملة تفسير سبب الحسرة .

( وكم أهلكنا ) : قد ذكر .

( وأنهم إليهم ) : بفتح الهمزة ، وهي مصدرية ، وموضع الجملة بدل من موضع " كم أهلكنا " والتقدير : ألم يروا أنهم إليهم .

ويقرأ بكسر الهمزة ، على الاستئناف .

قال تعالى : ( وإن كل لما جميع لدينا محضرون ( 32 ) ) .

قوله تعالى : ( وإن كل ) : قد ذكر في آخر هود .

قال تعالى : ( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون ( 33 ) ) .

قوله تعالى : ( وآية لهم ) : مبتدأ ، و " لهم " : الخبر . و " الأرض " : مبتدأ ، و " أحييناها " : الخبر ، والجملة تفسير للآية .

وقيل : " الأرض " : مبتدأ ؛ و " آية " : خبر مقدم ؛ و " أحييناها " تفسير الآية ، و " لهم " : صفة آية .

قال تعالى : ( وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ( 34 ) ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون ( 35 ) ) قوله تعالى : ( من العيون ) : من على قول الأخفش ، زائدة ، وعلى قول غيره : المفعول محذوف ؛ أي من العيون ما ينتفعون به .

( وما عملته ) : في " ما " ثلاثة أوجه ؛ أحدها : هي بمعنى الذي . والثاني : نكرة موصوفة ؛ وعلى كلا الوجهين هي في موضع جر عطفا على " ثمرة " ويجوز أن يكون نصبا على موضع ( من ثمره ) .

[ ص: 342 ] والثالث : هي نافية .

ويقرأ بغير هاء ؛ ويحتمل الأوجه الثلاثة ، إلا أنها نافية بضعف ؛ لأن " عملت " لم يذكر لها مفعول .

التالي السابق


الخدمات العلمية