الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            فصل : دليل ثالث وعشرون : وهو قوله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ) قال أهل التفسير : نزلت فيمن أسلم من أهل الكتاب وبقي على تعظيم بعض شريعته كالسبت وترك لحوم الإبل فأمرهم أن يدخلوا في شرائع الإسلام كافة ، ولا يتمسكوا بشيء من أحكام التوراة ; لأنها منسوخة ، ولا تتبعوا خطوات الشيطان في التمسك ببعض أحكام التوراة بعد أن عرفتم نسخه ، وكافة من وصف السلم كأنه قيل [ ص: 155 ] ادخلوا في جميع شرائع الإسلام اعتقادا وعملا - هذه عبارة المرسي في تفسير هذه الآية - وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : نزلت في مؤمني أهل الكتاب تمسكوا ببعض أمور التوراة والشرائع التي أنزلت فيهم يقول : ادخلوا في شرائع دين محمد ولا تدعوا منها شيئا ، وهذا صريح في أن شريعة التوراة لا تسمى إسلاما .

            تنبيه : ذكر السبكي في عبارته لما تكلم على عموم رسالته صلى الله عليه وسلم إلى الجن عدة آيات من القرآن استدل بها على ذلك ثم قال عقب ذلك : واعلم أن المقصود بتكثير الأدلة أن الآية الواحدة والآيتين قد يمكن تأويلها ويتطرق إليها الاحتمال ، فإذا كثرت قد تترقى إلى حد يقطع بإرادتها ظاهرا ونفي الاحتمال والتأويل عنها ، انتهى .

            أقول : ولذلك أوردنا هنا ثلاثة وعشرين دليلا ; لأن كل دليل منها على انفراده قد يمكن تأويله وتطرق الاحتمال إليه ، فلما كثرت هذه الكثرة ترقت إلى حد غلب على الظن إرادة ظاهرها ونفي الاحتمال والتأويل عنها ، وعبرت بغلبة الظن دون القطع لأجل ما عارضها من الآيات التي استدل بها القول الآخر ، وهذا مقام لا ينظر فيه ويحكم بالترجيح إلا لمجتهد والله الموفق .

            آخر الكتاب : قال مؤلفه شيخنا نفع الله المسلمين ببركته : ألفته في شوال سنة ثمان وثمانين وثمانمائة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية