(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48nindex.php?page=treesubj&link=28975إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=12861ابن الكلبي : نزلت في وحشي وأصحابه ، وكان جعل له على قتل
حمزة رضي الله عنه أن يعتق ، فلم يوف له ، فقدم
مكة وندم على الذي صنعه هو وأصحابه ، فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا قد ندمنا على ما صنعنا ، وليس يمنعنا عن الإسلام إلا أنا سمعناك تقول
بمكة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) الآيات وقد دعونا مع الله إلها آخر ، وقتلنا النفس التي حرم الله ، وزنينا ، فلولا هذه الآيات لاتبعناك ، فنزلت : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=70إلا من تاب وآمن وعمل ) الآيات ، فبعث بها إليهم فكتبوا : إن هذا شرط شديد نخاف أن لا نعمل عملا صالحا ، فنزلت
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به الآية ، فبعث بها إليهم ، فبعثوا إنا نخاف أن لا نكون من أهل مشيئته ، فنزلت : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ) الآيات فبعث بها إليهم ، فدخلوا في الإسلام ، فقبل منهم ثم قال لوحشي : (
أخبرني كيف قتلت حمزة ) ؟ فلما أخبره قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374231ويحك غيب عني وجهك ) فلحق وحشي بالشام إلى أن مات .
وأجمع المسلمون على تخليد من مات كافرا في النار ، وعلى تخليد من مات مؤمنا لم يذنب قط في الجنة . فأما تائب مات على توبته فالجمهور على أنه لاحق بالمؤمن الذي لم يذنب ، وطريقة بعض المتكلمين أنه في المشيئة . وأما مذنب مات قبل توبته فالخوارج تقول : هو مخلد في النار ، سواء كان صاحب كبيرة أم صاحب صغيرة . والمرجئة تقول : هو في الجنة بإيمانه ولا تضره سيئاته . و
المعتزلة تقول : إن كان صاحب كبيرة خلد في النار . وأما أهل السنة فيقولون : هو في المشيئة ، فإن شاء غفر له وأدخله الجنة من أول وهلة ، وإن شاء عذبه وأخرجه من النار وأدخله الجنة بعد مخلدا فيها .
وسبب هذا الاختلاف تعارض عمومات آيات الوعيد وآيات الوعد ، فالخوارج جعلوا آيات الوعيد عامة في العصاة كافرين ومؤمنين غير تائبين . وآيات الوعد مخصوصة في المؤمن الذي لم يذنب قط ، أو المذنب التائب . والمرجئة جعلوا آيات الوعيد مخصوصة في الكفار ، وآيات الوعد مخصوصة في المؤمن تقيهم وعاصيهم . وأهل السنة خصصوا آيات الوعيد بالكفر وبمن سبق في علمه أنه يعذبه من المؤمنين العصاة ، وخصصوا آيات الوعد بالمؤمن الذي لم يذنب ، وبالتائب ، وبمن سبق في علمه العفو عنه من المؤمنين العصاة . و
المعتزلة خصصوا آيات الوعد بالمؤمن الذي لم يذنب ، وبالتائب ، وآيات الوعيد بالكافر وذي الكبيرة الذي لم يتب .
وهذه الآية هي الحاكمة بالنص في موضع النزاع ، وهي جلت الشك ، وردت على هذه الطوائف الثلاث . فقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به ، والمعنى : أن من مات مشركا لا يغفر له ، هو أصل مجمع عليه من
[ ص: 269 ] الطوائف الأربع . وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48ويغفر ما دون ذلك راد على الخوارج وعلى
المعتزلة ، لأن ما دون ذلك عام تدخل فيه الكبائر والصغائر . وقوله : لمن يشاء راد على المرجئة ، إذ مدلوله أن غفران ما دون الشرك إنما هو لقوم دون قوم على ما شاء تعالى ، بخلاف ما زعموه بأن كل مؤمن مغفور له . وأدلة هؤلاء الطوائف مذكورة في علم أصول الدين . وقد رامت
المعتزلة والمرجئة رد هذه الآية إلى مقالاتهما بتأويلات لا تصح ، وهي منافية لما دلت عليه الآية .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : قد ثبت أن الله عز وعلا يغفر الشرك لمن تاب منه ، وأنه لا يغفر ما دون الشرك من الكبائر إلا بالتوبة ، فما وجه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ؟ قلت : الوجه أن يكون الفعل المنفي والمثبت جميعا موجهين إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48لمن يشاء كأنه قيل : إن الله لا يغفر لمن يشاء الشرك ، ويغفر لمن يشاء ما دون الشرك . على أن المراد بالأول من لم يتب ، وبالثاني من تاب . ونظيره قولك : إن الأمير لا يبذل الدينار ويبذل القنطار لمن يستأهله انتهى كلامه . فتأول الآية على مذهبه . وقوله : قد ثبت أن الله عز وعلا يغفر الشرك لمن تاب عنه ، هذا مجمع عليه . وقوله : وإنه لا يغفر ما دون الشرك من الكبائر إلا بالتوبة . فنقول له : وأين ثبت هذا ؟ وإنما يستدلون بعمومات تحتمل التخصيص ، كاستدلالهم بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=93ومن يقتل مؤمنا متعمدا ) الآية ، وقد خصصها
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بالمستحل ذلك وهو كافر . وقوله : قال : فجزاؤه أن جازاه الله . وقال : الخلود يراد به المكث الطويل لا الديمومة لا إلى نهاية ، وكلام العرب شاهد بذلك . وقوله : إن الوجه أن يكون الفعل المنفي والمثبت جميعا موجهين إلى قوله : لمن يشاء ، إن عنى أن الجار يتعلق بالفعلين ، فلا يصح ذلك . وإن عنى أن يقيد الأول بالمشيئة كما قيد الثاني فهو تأويل . والذي يفهم من كلامه أن الضمير الفاعل في قوله : يشاء عائد على ( من ) ، لا على ( الله ) . لأن المعنى عنده : أن الله لا يغفر الشرك لمن يشاء أن لا يغفر له بكونه مات على الشرك غير تائب منه ، ويغفر ما دون الشرك من الكبائر لمن يشاء أن يغفر له بكونه تاب منها . والذي يدل عليه ظاهر الكلام أنه لا قيد في الفعل الأول بالمشيئة ، وإن كانت جميع الكائنات متوقفا وجودها على مشيئته على مذهبنا . وأن الفاعل في يشاء هو عائد على الله تعالى ، لا على ( من ) ، والمعنى : ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء أن يغفر له . وفي قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48لمن يشاء ترجئة عظيمة بكون من مات على ذنب غير الشرك لانقطع عليه بالعذاب ، وإن مات مصرا .
قال
الأعمش بن عمر : كنا على عهد رسول الله إذا مات الرجل على كبيرة شهدنا له أنه من أهل النار ، حتى نزلت هذه الآية ، فأمسكنا عن الشهادات . وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت في آخره (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374232ومن أصاب شيئا من ذلك أي - من المعاصي التي تقدم ذكرها - فستره عليه ، فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه ) أخرجه
مسلم . ويروى عن
علي وغيره من الصحابة : ما في القرآن آية أحب إلينا من هذه الآية . وفي هذه الآية دليل على أن اليهودي يسمى مشركا في عرف الشرع ، وإلا كان مغايرا للمشرك ، فوجب أن يكون مغفورا له . ولأن اتصال هذه الآية بما قبلها إنما كان لأنها تتضمن تهديد اليهود ، فاليهود داخلة تحت اسم الشرك . فأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=69إن الذين آمنوا والذين هادوا ) ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82والذين أشركوا ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=105ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ) فالمغايرة وقعت بحسب المفهوم اللغوي ، والاتحاد بحسب المفهوم الشرعي .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : كل كافر مشرك ، لأنه إذا كفر مثلا بنبي زعم أن هذه الآيات التي أتى بها ليست من عند الله ، فيجعل ما لا يكون إلا لله لغير الله ، فيصير مشركا بهذا المعنى . فعلى هذا يكون التقدير : إن الله لا يغفر كفر من كفر به ، أو بنبي من أنبيائه . والمراد : إذ ألقى الله بذلك ، لأن الإيمان يزيل عنه إطلاق
[ ص: 270 ] الوصف بما تقدمه من الكفر بإجماع ، ولقوله عليه السلام : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374233الإسلام يجب ما قبله ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما ) أي اختلق وافتعل ما لا يمكن . وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم ؟ قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374234أن تجعل لله ندا وقد خلقك ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم ) قال الجمهور : هم اليهود . وقال
الحسن وابن زيد : هم النصارى . قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : يزكي بعضهم بعضا لتقبل عليهم الملوك وسفلتهم ، ويواصلوهم بالرشا . وقال
عطية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : قالوا آباؤنا الذين ماتوا يزكوننا عند الله ويشفعون لنا . وقال
الضحاك والسدي في آخرين : أتى
مرحب بن زيد وبحري بن عمرو وجماعة من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعهم أطفالهم فقالوا : هل على هؤلاء من ذنب ؟ فقال : لا . فقالوا : نحن كهم ، ما أذنبنا بالليل يكفر عنا بالنهار ، وما أذنبنا بالنهار يكفر عنا بالليل فنزلت . وقيل : هو قولهم : نحن أبناء الله وأحباؤه . وعلى القول بأنهم اليهود والنصارى فتزكيهم أنفسهم . قال
عكرمة ، و
مجاهد ،
وأبو مالك : كانوا يقدمون الصبيان الذين لم يبلغوا الحلم فيصلون بهم ويقولون : ليست لهم ذنوب ، فإذا صلى بنا المغفور له غفر لنا . وقال
قتادة والحسن : هو قولهم : نحن أبناء الله وأحباؤه (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=111لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=135كونوا هودا أو نصارى تهتدوا ) وفي الآية دلالة على الغض ممن يزكي نفسه بلسانه ويصفها بزيادة الطاعة والتقوى والزلفى عند الله . وقوله : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374235والله إني لأمين في السماء ، أمين في الأرض ) حين قال له المنافقون : اعدل في القسمة ؛ إكذاب لهم إذ وصفوه بخلاف ما وصفه به ربه ، وشتان من شهد الله له بالتزكية ، ومن شهد لنفسه أو شهد له من لا يعلم . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وفيه بعض تلخيص .
قال
الراغب ما ملخصه : التزكية ضربان : بالفعل ، وهو أن يتحرى فعل ما يظهره ، وبالقول وهو الإخبار عنه بذلك ومدحه به . وحظر أن يزكي الإنسان نفسه ، بل أن يزكي غيره ، إلا على وجه مخصوص . فالتزكية إخبار بما ينطوي عليه الإنسان ، ولا يعلم ذلك إلا الله تعالى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49بل الله يزكي من يشاء ) : بل إضراب عن تزكيتهم أنفسهم ، إذ ليسوا أهلا لذلك . واعلم أن المزكي هو الله تعالى ، وأنه تعالى هو المعتد بتزكيته ، إذ هو العالم ببواطن الأشياء والمطلع على خفياتها . ومعنى يزكي من يشاء أي : من يشاء تزكيته بأن جعله طاهرا مطهرا ، فذلك هو الذي يصفه الله تعالى بأنه مزكى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49ولا يظلمون فتيلا ) إشارة إلى أقل شيء كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40إن الله لا يظلم مثقال ذرة ) فإذا كان تعالى لا يظلم مقدار فتيل ، فكيف يظلم ما هو أكبر منه ؟ وجوزوا أن يعود الضمير في : ولا يظلمون ، إلى الذين يزكون أنفسهم ، وأن يعود إلى من على المعنى ، إذ لو عاد على اللفظ لكان : ولا يظلم وهو أظهر ، لأنه أقرب مذكور ، ولقطع ( بل ) ما بعدها عما قبلها . وقيل : يعود على المذكورين من زكى نفسه ، ومن يزكيه الله . ولم يذكر
ابن عطية غير هذا القول .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49ولا يظلمون ) أي : الذين يزكون أنفسهم يعاقبون على تزكيتهم أنفسهم حق جزائهم ، أو من يشاء يثابون ولا ينقصون من ثوابهم ونحوه ، فلا تزكوا أنفسكم ، هو أعلم بمن اتقى ، انتهى . وقرأ الجمهور : ألم تر بفتح الراء . وقرأ
السلمي : بسكونها إجراء للوصل مجرى الوقف . وقيل : هي لغة قوم لا يكتفون بالجزم بحذف لام الفعل ، بل يسكنون بعده عين الفعل . وقرأ الجمهور :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49ولا يظلمون بالياء . وقرأت طائفة : ( ولا تظلمون ) بتاء الخطاب . وانتصاب (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49فتيلا ) - قال
ابن عطية : على أنه مفعول ثان ، ويعني على تضمين ( تظلمون ) معنى ما يتعدى لاثنين ، والمعنى : مقدار فتيل ، وهو كناية عن أحقر شيء . وإلى أنه الخيط الذي في شق النواة - ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وعطاء ومجاهد . وإلى أنه ما يخرج من بين الأصابع أو الكفين بالفتل ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا ،
وأبو مالك والسدي . وإلى أنه نفس الشق ذهب
الحسن .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48nindex.php?page=treesubj&link=28975إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12861ابْنُ الْكَلْبِيِّ : نَزَلَتْ فِي وَحْشِيٍّ وَأَصْحَابِهِ ، وَكَانَ جُعِلَ لَهُ عَلَى قَتْلِ
حَمْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يُعْتَقَ ، فَلَمْ يُوَفَّ لَهُ ، فَقَدِمَ
مَكَّةَ وَنَدِمَ عَلَى الَّذِي صَنَعَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ، فَكَتَبُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّا قَدْ نَدِمْنَا عَلَى مَا صَنَعْنَا ، وَلَيْسَ يَمْنَعُنَا عَنِ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنَّا سَمِعْنَاكَ تَقُولُ
بِمَكَّةَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ) الْآيَاتِ وَقَدْ دَعَوْنَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ، وَقَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ ، وَزَنَيْنَا ، فَلَوْلَا هَذِهِ الْآيَاتُ لَاتَّبَعْنَاكَ ، فَنَزَلَتْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=70إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ ) الْآيَاتِ ، فَبُعِثَ بِهَا إِلَيْهِمْ فَكَتَبُوا : إِنَّ هَذَا شَرْطٌ شَدِيدٌ نَخَافُ أَنْ لَا نَعْمَلَ عَمَلًا صَالِحًا ، فَنَزَلَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ الْآيَةَ ، فَبُعِثَ بِهَا إِلَيْهِمْ ، فَبَعَثُوا إِنَّا نَخَافُ أَنْ لَا نَكُونَ مِنْ أَهْلِ مَشِيئَتِهِ ، فَنَزَلَتْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ) الْآيَاتِ فَبُعِثَ بِهَا إِلَيْهِمْ ، فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ ، فَقُبِلَ مِنْهُمْ ثُمَّ قَالَ لِوَحْشِيٍّ : (
أَخْبِرْنِي كَيْفَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ ) ؟ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ قَالَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374231وَيْحَكَ غَيِّبْ عَنِّي وَجْهَكَ ) فَلَحِقَ وَحْشِيٌّ بِالشَّامِ إِلَى أَنْ مَاتَ .
وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَخْلِيدِ مَنْ مَاتَ كَافِرًا فِي النَّارِ ، وَعَلَى تَخْلِيدِ مَنْ مَاتَ مُؤْمِنًا لَمْ يُذْنِبْ قَطُّ فِي الْجَنَّةِ . فَأَمَّا تَائِبٌ مَاتَ عَلَى تَوْبَتِهِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَاحِقٌ بِالْمُؤْمِنِ الَّذِي لَمْ يُذْنِبْ ، وَطَرِيقَةُ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ فِي الْمَشِيئَةِ . وَأَمَّا مُذْنِبٌ مَاتَ قَبْلَ تَوْبَتِهِ فَالْخَوَارِجُ تَقُولُ : هُوَ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ ، سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبَ كَبِيرَةٍ أَمْ صَاحِبَ صَغِيرَةٍ . وَالْمُرْجِئَةُ تَقُولُ : هُوَ فِي الْجَنَّةِ بِإِيمَانِهِ وَلَا تَضُرُّهُ سَيِّئَاتُهُ . وَ
الْمُعْتَزِلَةُ تَقُولُ : إِنْ كَانَ صَاحِبَ كَبِيرَةٍ خُلِّدَ فِي النَّارِ . وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَيَقُولُونَ : هُوَ فِي الْمَشِيئَةِ ، فَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنَ النَّارِ وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ بَعْدُ مُخَلَّدًا فِيهَا .
وَسَبَبُ هَذَا الِاخْتِلَافِ تَعَارُضُ عُمُومَاتِ آيَاتِ الْوَعِيدِ وَآيَاتِ الْوَعْدِ ، فَالْخَوَارِجُ جَعَلُوا آيَاتِ الْوَعِيدِ عَامَّةً فِي الْعُصَاةِ كَافِرِينَ وَمُؤْمِنِينَ غَيْرَ تَائِبِينَ . وَآيَاتُ الْوَعْدِ مَخْصُوصَةٌ فِي الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَمْ يُذْنِبْ قَطُّ ، أَوِ الْمُذْنِبِ التَّائِبِ . وَالْمُرْجِئَةُ جَعَلُوا آيَاتِ الْوَعِيدِ مَخْصُوصَةً فِي الْكُفَّارِ ، وَآيَاتِ الْوَعْدِ مَخْصُوصَةً فِي الْمُؤْمِنِ تَقِيِّهِمْ وَعَاصِيهِمْ . وَأَهْلُ السُّنَّةِ خَصَّصُوا آيَاتِ الْوَعِيدِ بِالْكُفْرِ وَبِمَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ يُعَذِّبُهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْعُصَاةِ ، وَخَصَّصُوا آيَاتِ الْوَعْدِ بِالْمُؤْمِنِ الَّذِي لَمْ يُذْنِبْ ، وَبِالتَّائِبِ ، وَبِمَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ الْعَفُوُّ عَنْهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْعُصَاةِ . وَ
الْمُعْتَزِلَةُ خَصَّصُوا آيَاتِ الْوَعْدِ بِالْمُؤْمِنِ الَّذِي لَمْ يُذْنِبْ ، وَبِالتَّائِبِ ، وَآيَاتِ الْوَعِيدِ بِالْكَافِرِ وَذِي الْكَبِيرَةِ الَّذِي لَمْ يَتُبْ .
وَهَذِهِ الْآيَةُ هِيَ الْحَاكِمَةُ بِالنَّصِّ فِي مَوْضِعِ النِّزَاعِ ، وَهِيَ جَلَتِ الشَّكَّ ، وَرَدَّتْ عَلَى هَذِهِ الطَّوَائِفِ الثَّلَاثِ . فَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا لَا يُغْفَرُ لَهُ ، هُوَ أَصْلٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ مِنَ
[ ص: 269 ] الطَّوَائِفِ الْأَرْبَعِ . وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ رَادٌّ عَلَى الْخَوَارِجِ وَعَلَى
الْمُعْتَزِلَةِ ، لِأَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ عَامٌّ تَدْخُلُ فِيهِ الْكَبَائِرُ وَالصَّغَائِرُ . وَقَوْلُهُ : لِمَنْ يَشَاءُ رَادٌّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ ، إِذْ مَدْلُولُهُ أَنَّ غُفْرَانَ مَا دُونَ الشِّرْكِ إِنَّمَا هُوَ لِقَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ عَلَى مَا شَاءَ تَعَالَى ، بِخِلَافِ مَا زَعَمُوهُ بِأَنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ مَغْفُورٌ لَهُ . وَأَدِلَّةُ هَؤُلَاءِ الطَّوَائِفِ مَذْكُورَةٌ فِي عِلْمِ أُصُولِ الدِّينِ . وَقَدْ رَامَتِ
الْمُعْتَزِلَةُ وَالْمُرْجِئَةُ رَدَّ هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى مَقَالَاتِهِمَا بِتَأْوِيلَاتٍ لَا تَصِحُّ ، وَهِيَ مُنَافِيَةٌ لِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : قَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَعَلَا يَغْفِرُ الشِّرْكَ لِمَنْ تَابَ مِنْهُ ، وَأَنَّهُ لَا يَغْفِرُ مَا دُونَ الشِّرْكِ مِنَ الْكَبَائِرِ إِلَّا بِالتَّوْبَةِ ، فَمَا وَجْهُ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ؟ قُلْتُ : الْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ الْمَنْفِيُّ وَالْمُثْبَتُ جَمِيعًا مُوَجَّهَيْنِ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48لِمَنْ يَشَاءُ كَأَنَّهُ قِيلَ : إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ الشِّرْكَ ، وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ مَا دُونَ الشِّرْكِ . عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ مَنْ لَمْ يَتُبْ ، وَبِالثَّانِي مَنْ تَابَ . وَنَظِيرُهُ قَوْلُكَ : إِنَّ الْأَمِيرَ لَا يَبْذُلُ الدِّينَارَ وَيَبْذُلُ الْقِنْطَارَ لِمَنْ يَسْتَأْهِلُهُ انْتَهَى كَلَامُهُ . فَتَأَوَّلَ الْآيَةَ عَلَى مَذْهَبِهِ . وَقَوْلُهُ : قَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَعَلَا يَغْفِرُ الشِّرْكَ لِمَنْ تَابَ عَنْهُ ، هَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ . وَقَوْلُهُ : وَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ مَا دُونَ الشِّرْكِ مِنَ الْكَبَائِرِ إِلَّا بِالتَّوْبَةِ . فَنَقُولُ لَهُ : وَأَيْنَ ثَبَتَ هَذَا ؟ وَإِنَّمَا يَسْتَدِلُّونَ بِعُمُومَاتٍ تَحْتَمِلُ التَّخْصِيصَ ، كَاسْتِدْلَالِهِمْ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=93وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ) الْآيَةَ ، وَقَدْ خَصَّصَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْمُسْتَحِلِّ ذَلِكَ وَهُوَ كَافِرٌ . وَقَوْلُهُ : قَالَ : فَجَزَاؤُهُ أَنْ جَازَاهُ اللَّهُ . وَقَالَ : الْخُلُودُ يُرَادُ بِهِ الْمُكْثُ الطَّوِيلُ لَا الدَّيْمُومَةُ لَا إِلَى نِهَايَةٍ ، وَكَلَامُ الْعَرَبِ شَاهِدٌ بِذَلِكَ . وَقَوْلُهُ : إِنَّ الْوَجْهَ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ الْمَنْفِيُّ وَالْمُثْبَتُ جَمِيعًا مُوَجَّهَيْنِ إِلَى قَوْلِهِ : لِمَنْ يَشَاءُ ، إِنْ عَنَى أَنَّ الْجَارَّ يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلَيْنِ ، فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ . وَإِنْ عَنَى أَنْ يُقَيِّدَ الْأَوَّلَ بِالْمَشِيئَةِ كَمَا قَيَّدَ الثَّانِي فَهُوَ تَأْوِيلٌ . وَالَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الضَّمِيرَ الْفَاعِلَ فِي قَوْلِهِ : يَشَاءُ عَائِدٌ عَلَى ( مَنْ ) ، لَا عَلَى ( اللَّهِ ) . لِأَنَّ الْمَعْنَى عِنْدَهُ : أَنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ الشِّرْكَ لِمَنْ يَشَاءُ أَنْ لَا يَغْفِرَ لَهُ بِكَوْنِهِ مَاتَ عَلَى الشِّرْكِ غَيْرَ تَائِبٍ مِنْهُ ، وَيَغْفِرُ مَا دُونُ الشِّرْكِ مِنَ الْكَبَائِرِ لِمَنْ يَشَاءُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ بِكَوْنِهِ تَابَ مِنْهَا . وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْكَلَامِ أَنَّهُ لَا قَيْدَ فِي الْفِعْلِ الْأَوَّلِ بِالْمَشِيئَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ جَمِيعُ الْكَائِنَاتِ مُتَوَقِّفًا وُجُودُهَا عَلَى مَشِيئَتِهِ عَلَى مَذْهَبِنَا . وَأَنَّ الْفَاعِلَ فِي يَشَاءُ هُوَ عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، لَا عَلَى ( مَنْ ) ، وَالْمَعْنَى : وَيَغْفِرُ مَا دُونَ الشِّرْكِ لِمَنْ يَشَاءُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ . وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48لِمَنْ يَشَاءُ تَرْجِئَةٌ عَظِيمَةٌ بِكَوْنِ مَنْ مَاتَ عَلَى ذَنْبٍ غَيْرِ الشِّرْكِ لَانْقَطَعَ عَلَيْهِ بِالْعَذَابِ ، وَإِنْ مَاتَ مُصِرًّا .
قَالَ
الْأَعْمَشِ بْنُ عُمَرَ : كُنَّا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ عَلَى كَبِيرَةٍ شَهِدْنَا لَهُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ، فَأَمْسَكْنَا عَنِ الشَّهَادَاتِ . وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فِي آخِرِهِ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374232وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَيْ - مِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا - فَسَتَرَهُ عَلَيْهِ ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ ) أَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ . وَيُرْوَى عَنْ
عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ : مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ . وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْيَهُودِيَّ يُسَمَّى مُشْرِكًا فِي عُرْفِ الشَّرْعِ ، وَإِلَّا كَانَ مُغَايِرًا لِلْمُشْرِكِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَغْفُورًا لَهُ . وَلِأَنَّ اتِّصَالَ هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ تَهْدِيدَ الْيَهُودِ ، فَالْيَهُودُ دَاخِلَةٌ تَحْتَ اسْمِ الشِّرْكِ . فَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=69إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا ) ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ) وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=105مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ ) فَالْمُغَايَرَةُ وَقَعَتْ بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ اللُّغَوِيِّ ، وَالِاتِّحَادُ بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ الشَّرْعِيِّ .
وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : كُلُّ كَافِرٍ مُشْرِكٌ ، لِأَنَّهُ إِذَا كَفَرَ مَثَلًا بِنَبِيٍّ زَعَمَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي أَتَى بِهَا لَيْسَتْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، فَيَجْعَلُ مَا لَا يَكُونُ إِلَّا لِلَّهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ، فَيَصِيرُ مُشْرِكًا بِهَذَا الْمَعْنَى . فَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّقْدِيرُ : إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ كُفْرَ مَنْ كَفَرَ بِهِ ، أَوْ بِنَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ . وَالْمُرَادُ : إِذْ أَلْقَى اللَّهُ بِذَلِكَ ، لِأَنَّ الْإِيمَانَ يُزِيلُ عَنْهُ إِطْلَاقَ
[ ص: 270 ] الْوَصْفِ بِمَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الْكُفْرِ بِإِجْمَاعٍ ، وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374233الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ) أَيِ اخْتَلَقَ وَافْتَعَلَ مَا لَا يُمْكِنُ . وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ ؟ قَالَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374234أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَقَدْ خَلَقَكَ ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ ) قَالَ الْجُمْهُورُ : هُمُ الْيَهُودُ . وَقَالَ
الْحَسَنُ وَابْنُ زَيْدٍ : هُمُ النَّصَارَى . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : يُزَكِّي بَعْضُهُمْ بَعْضًا لِتُقْبِلَ عَلَيْهِمُ الْمُلُوكُ وَسَفِلَتُهُمْ ، وَيُوَاصِلُوهُمْ بِالرِّشَا . وَقَالَ
عَطِيَّةُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : قَالُوا آبَاؤُنَا الَّذِينَ مَاتُوا يُزَكُّونَنَا عِنْدَ اللَّهِ وَيَشْفَعُونَ لَنَا . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ فِي آخَرِينَ : أَتَى
مَرْحَبُ بْنُ زَيْدٍ وَبَحْرِيُّ بْنُ عَمْرٍو وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُمْ أَطْفَالُهُمْ فَقَالُوا : هَلْ عَلَى هَؤُلَاءِ مِنْ ذَنْبٍ ؟ فَقَالَ : لَا . فَقَالُوا : نَحْنُ كَهُمْ ، مَا أَذْنَبْنَا بِاللَّيْلِ يُكَفَّرُ عَنَّا بِالنَّهَارِ ، وَمَا أَذْنَبْنَا بِالنَّهَارِ يُكَفَّرُ عَنَّا بِاللَّيْلِ فَنَزَلَتْ . وَقِيلَ : هُوَ قَوْلُهُمْ : نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ . وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَتُزَكِّيهِمْ أَنْفُسُهُمْ . قَالَ
عِكْرِمَةُ ، وَ
مُجَاهِدٌ ،
وَأَبُو مَالِكٍ : كَانُوا يُقَدِّمُونَ الصِّبْيَانَ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ فَيُصَلُّونَ بِهِمْ وَيَقُولُونَ : لَيْسَتْ لَهُمْ ذُنُوبٌ ، فَإِذَا صَلَّى بِنَا الْمَغْفُورُ لَهُ غُفِرَ لَنَا . وَقَالَ
قَتَادَةُ وَالْحَسَنُ : هُوَ قَوْلُهُمْ : نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=111لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=135كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا ) وَفِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى الْغَضِّ مِمَّنْ يُزَكِّي نَفْسَهُ بِلِسَانِهِ وَيَصِفُهَا بِزِيَادَةِ الطَّاعَةِ وَالتَّقْوَى وَالزُّلْفَى عِنْدَ اللَّهِ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374235وَاللَّهِ إِنِّي لَأَمِينٌ فِي السَّمَاءِ ، أَمِينٌ فِي الْأَرْضِ ) حِينَ قَالَ لَهُ الْمُنَافِقُونَ : اعْدِلْ فِي الْقِسْمَةِ ؛ إِكْذَابٌ لَهُمْ إِذْ وَصَفُوهُ بِخِلَافِ مَا وَصَفَهُ بِهِ رَبُّهُ ، وَشَتَّانَ مَنْ شَهِدَ اللَّهُ لَهُ بِالتَّزْكِيَةِ ، وَمَنْ شَهِدَ لِنَفْسِهِ أَوْ شَهِدَ لَهُ مَنْ لَا يَعْلَمُ . قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَفِيهِ بَعْضُ تَلْخِيصٍ .
قَالَ
الرَّاغِبُ مَا مُلَخَّصُهُ : التَّزْكِيَةُ ضَرْبَانِ : بِالْفِعْلِ ، وَهُوَ أَنْ يَتَحَرَّى فِعْلَ مَا يُظْهِرُهُ ، وَبِالْقَوْلِ وَهُوَ الْإِخْبَارُ عَنْهُ بِذَلِكَ وَمَدْحُهُ بِهِ . وَحَظَرَ أَنْ يُزَكِّيَ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ ، بَلْ أَنْ يُزَكِّيَ غَيْرَهُ ، إِلَّا عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ . فَالتَّزْكِيَةُ إِخْبَارٌ بِمَا يَنْطَوِي عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ ، وَلَا يَعْلَمُ ذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ) : بَلْ إِضْرَابٌ عَنْ تَزْكِيَتِهِمْ أَنْفُسَهُمْ ، إِذْ لَيْسُوا أَهْلًا لِذَلِكَ . وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُزَكِّيَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُعْتَدُّ بِتَزْكِيَتِهِ ، إِذْ هُوَ الْعَالِمُ بِبَوَاطِنِ الْأَشْيَاءِ وَالْمُطَّلِعُ عَلَى خَفِيَّاتِهَا . وَمَعْنَى يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ أَيْ : مَنْ يَشَاءُ تَزْكِيَتَهُ بِأَنْ جَعْلَهُ طَاهِرًا مُطَهَّرًا ، فَذَلِكَ هُوَ الَّذِي يَصِفُهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ مُزَكًّى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ) إِشَارَةٌ إِلَى أَقَلِّ شَيْءٍ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ) فَإِذَا كَانَ تَعَالَى لَا يَظْلِمُ مِقْدَارَ فَتِيلٍ ، فَكَيْفَ يَظْلِمُ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ ؟ وَجَوَّزُوا أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ فِي : وَلَا يَظْلِمُونَ ، إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ ، وَأَنْ يَعُودَ إِلَى مَنْ عَلَى الْمَعْنَى ، إِذْ لَوْ عَادَ عَلَى اللَّفْظِ لَكَانَ : وَلَا يَظْلِمُ وَهُوَ أَظْهَرُ ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ ، وَلِقَطْعِ ( بَلْ ) مَا بَعْدَهَا عَمَّا قَبْلَهَا . وَقِيلَ : يَعُودُ عَلَى الْمَذْكُورَيْنِ مَنْ زَكَّى نَفْسَهُ ، وَمَنْ يُزَكِّيهِ اللَّهُ . وَلَمْ يَذْكُرِ
ابْنُ عَطِيَّةَ غَيْرَ هَذَا الْقَوْلِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49وَلَا يُظْلَمُونَ ) أَيِ : الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ يُعَاقَبُونَ عَلَى تَزْكِيَتِهِمْ أَنْفُسَهُمْ حَقَّ جَزَائِهِمْ ، أَوْ مَنْ يَشَاءُ يُثَابُونَ وَلَا يُنْقَصُونَ مِنْ ثَوَابِهِمْ وَنَحْوِهِ ، فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ، هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ، انْتَهَى . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : أَلَمْ تَرَ بِفَتْحِ الرَّاءِ . وَقَرَأَ
السُّلَمِيُّ : بِسُكُونِهَا إِجْرَاءً لِلْوَصْلِ مَجْرَى الْوَقْفِ . وَقِيلَ : هِيَ لُغَةُ قَوْمٍ لَا يَكْتَفُونَ بِالْجَزْمِ بِحَذْفِ لَامِ الْفِعْلِ ، بَلْ يُسَكِّنُونَ بَعْدَهُ عَيْنَ الْفِعْلِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49وَلَا يُظْلَمُونَ بِالْيَاءِ . وَقَرَأَتْ طَائِفَةٌ : ( وَلَا تُظْلَمُونَ ) بِتَاءِ الْخِطَابِ . وَانْتِصَابُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49فَتِيلًا ) - قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ ، وَيَعْنِي عَلَى تَضْمِينِ ( تُظْلَمُونَ ) مَعْنَى مَا يَتَعَدَّى لِاثْنَيْنِ ، وَالْمَعْنَى : مِقْدَارَ فَتِيلٍ ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ أَحْقَرِ شَيْءٍ . وَإِلَى أَنَّهُ الْخَيْطُ الَّذِي فِي شِقِّ النَّوَاةِ - ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ . وَإِلَى أَنَّهُ مَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الْأَصَابِعِ أَوِ الْكَفَّيْنِ بِالْفَتْلِ ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا ،
وَأَبُو مَالِكٍ وَالسُّدِّيُّ . وَإِلَى أَنَّهُ نَفْسُ الشِّقِّ ذَهَبَ
الْحَسَنُ .