الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          واتقوا الله إن الله شديد العقاب أي اتقوا الله أيها المؤمنون بالسير على سننه التي بينها لكم في كتابه وفي نظام خلقه ; لئلا تستحقوا عقابه الذي يصيب من أعرض عن هدايته ، إن الله شديد العقاب لمن لم يتقه باتباع شرعه ، ومراعاة سننه في خلقه ، لا هوادة ولا محاباة في عقابه ; لأنه لم يأمر بشيء ، إلا وفعله نافع وتركه ضار ، ولم ينه عن شيء ، إلا وفعله ضار وتركه نافع ، وفي معنى المأمور به كل ما رغب فيه ، وفي معنى المنهي عنه كل ما رغب عنه ، فلهذا كان ترك هدايته مفضيا بطبعه إلى الحرمان من المنافع والوقوع في المضار ، التي منها فساد الفطرة ، وعمى البصيرة ، وذلك إبسال للنفس يظهر أثره في الدنيا وسوء عاقبته في الآخرة ، وكذلك عدم مراعاة سنن الله - تعالى - في خلق الإنسان ، وسجاياه وتأثير عقائده وأخلاقه في أعماله ، وسننه في ارتقاء الإنسان في أفراده وشعوبه ، كل ذلك يوقع الإنسان في الغواية ، وينتهي به إلى شر عاقبة وغاية ، وإنما يظلم الإنسان نفسه ولا عتب له إلا عليها ، والعقاب هنا يشمل عقاب الدنيا والآخرة ، كما أشرنا إليه ، وقد ورد في بعض الآيات التصريح بالجمع بينهما ، وفي بعضها التصريح بأحدهما ، كقوله في عذاب الأمم في الدنيا : وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ( 11 : 102 ) ووضع اسم الجلالة المظهر في قوله : إن الله شديد العقاب والمقام مقام الإضمار لما لذكر الاسم الكريم من الروعة والتأثير ، وذلك أدعى إلى حصول المقصود من الوعظ والتذكير .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية