الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وحكمها ) أي قسمة التراضي ( كبيع ) لأن صاحب الزائد بذل المال عوضا عما حصل له من حق شريكه وهذا هو البيع .

                                                                                                                      ( قال المجد : الذي تحرر عندي فيما فيه رد أنه بيع فيما يقابل الرد ) أي العوض الذي رد من أحدهما على الآخر ( وإفراز في الباقي انتهى ) ويؤيده قول القاضي في التعليق وصاحب المبهج والموفق في الكافي : البيع ما فيه رد عوض ، وإن لم يكن فيها رد عوض فهي إفراز النصيبين وتمييز الحصص وليست بيعا ، واختاره الشيخ تقي الدين ( فلا يجوز فيها ) أي قسمة التراضي ( ما لا يجوز في البيع ) لأنها نوع من أنواعه .

                                                                                                                      ( ولا يجبر عليها الممتنع ) منهما لحديث ابن عباس مرفوعا : { لا ضرر ولا ضرار } رواه أحمد وابن ماجه والدارقطني ، قال الثوري حديث حسن وله طريق يقوي بعضها بعضا ولأنه إتلاف وسفه يستحق به الحجر أشبه هدم البناء ، وعلم من قوله ولا يمكن قسمه بالأجزاء والتقدير أنه لو أمكن قسمه بالأجزاء مثل أن تكون البئر واسعة يمكن أن يجعل نصفها لواحد ونصفها للآخر ويجعل بينهما حاجز في أعلاها ، أو يكون البناء كبيرا يمكن أن يجعل لكل واحد منهما [ ص: 372 ] نصفه أو أمكن القسم بالتعديل كأن يكون في أحد جانبي الأرض بئر يساوي مائة وفي الجانب الآخر منها بئر يساوي مائة فهو من قسمة الإجبار لانتفاء الضرر .

                                                                                                                      ( فلو ) كان لهما دار لها علو وسفل و ( قال أحدهما أنا آخذ الأدنى ويبقى لي في الأعلى تتمة حصتي فلا إجبار ) للشريك الممتنع منهما على ذلك لأنها بيع ولا إجبار فيه كما سبق ، ( ومن دعا شريكه فيها ) أي في الدور الصغار ونحوها مما تقدم إلى البيع أجبر ( أو ) دعا شريكه ( في شركة عبد أو بهيمة أو سيف ونحوه ) ككتاب ( إلى البيع أجبر ) إن امتنع عن البيع ليتخلص الطالب من ضرر الشركة ( فإن أبى ) الممتنع البيع ( بيع ) أي باعه الحاكم ( عليهما ) لأنه حق عليه ، كما بيع الرهن إذا امتنع الراهن ( وقسم الثمن ) بينهما بحسب الملك لأنه عوضه ( نصا ، قال الشيخ : وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد ) رحمهم الله .

                                                                                                                      ( وكذا لو طلب ) أحدهما ( الإجارة ولو في وقف ) فيجبر الممتنع فإن أصر أجره الحاكم عليهما وقسم الأجرة بينهما بحسب الملك أو الاستحقاق ، ( والضرر المانع من قسمة الإجبار نقص قيمة المقسوم بها ) لأن نقص قيمته ضرر وهو منتف شرعا وسواء انتفعوا به مقسوما أو لا ، ولا يعتبر الضرر ( بكونهما لا ينتفعان به مقسوما ) خلافا لظاهر الخرقي واختاره الموفق وذكر في الكافي أنه القياس وهو رواية ( وتقدم بعض ذلك في الشفعة فإن تضرر بها ) أي القسمة ( أحد الشريكين وحده كرب الثلث مع رب الثلثين فطلب أحدهما القسمة لم يجبر الممتنع ) ولو كان الطالب هو المتضرر لأن فيه إضاعة مال ، ولأنها قسمة يضر بها صاحبه فلا يجبر عليها كما لو استضرا معا ( وما تلاصق من دور وعضائد ونحوها ) كأقرحة وهي الأرض التي لا ماء بها ولا شجر كمتفرق ( يعتبر الضرر في عين وحدها ) لما تقدم .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية