الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6403 ) فصل : قال أصحابنا : ولا يتعين الموضع الذي تسكنه في الطلاق ، سواء قلنا : لها السكنى . أو لم نقل ، بل يتخير الزوج بين إقرارها في الموضع الذي طلقها فيه ، وبين نقلها إلى مسكن مثلها ، والمستحب إقرارها ، لقوله تعالى { لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } .

                                                                                                                                            ولأن فيه خروجا من الخلاف ، فإن الذين ذكرنا عنهم أن لها السكنى ، يرون وجوب الاعتداد عليها في منزلها ، فإن كانت في بيت يملك الزوج سكناه ، ويصلح لمثلها ، اعتدت فيه ، فإن ضاق عنهما ، انتقل عنها وتركه لها ; لأنه يستحب سكناها في الموضع الذي طلقها فيه ، وإن اتسع الموضع لهما ، وفي الدار موضع لها منفرد كالحجرة أو علو الدار أو سفلها ، وبينهما باب مغلق ، سكنت فيه ، وسكن الزوج في الباقي ، لأنهما كالحجرتين المتجاورتين ، وإن لم يكن بينهما باب مغلق ، لكن لها موضع تتستر فيه ، بحيث لا يراها ، ومعها محرم تتحفظ به ، جاز ; لأن مع المحرم يؤمن الفساد ، ويكره في الجملة ; لأنه لا يؤمن النظر ، وإن لم يكن معها محرم ، لم يجز ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا يخلون رجل بامرأة ليست له بمحرم ; فإن ثالثهما الشيطان } وإن امتنع من إسكانها ، وكانت ممن لها عليه السكنى ، أجبره الحاكم ، فإن كان الحاكم معدوما ، رجعت على الزوج ، وإن كان الحاكم موجودا ، فهل ترجع ؟ على روايتين . وإن كان الزوج حاضرا ، ولم يمنعها من المسكن ، فاكترت لنفسها موضعا ، أو سكنت في موضع تملكه ، لم ترجع بالأجرة لأنها تبرعت بذلك فلم ترجع به على أحد .

                                                                                                                                            وإن عجز الزوج عن إسكانها ; لعسرته ، أو غيبته ، أو امتنع من ذلك مع قدرته ; سكنت حيث شاءت . وكذلك المتوفى عنها زوجها ، إذا لم يسكنها ورثته ; لأنه إنما تلزمها السكنى في منزله لتحصين مائه ، فإذا لم تفعل ، لم يلزمها ذلك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية