الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6799 ) المسألة الرابعة : أنها لا تحمل الاعتراف وهو أن يقر الإنسان على نفسه بقتل خطأ ، أو شبه عمد فتجب الدية عليه ، ولا تحمله العاقلة ، ولا نعلم فيه خلافا . وبه قال ابن عباس ، والشعبي ، والحسن ، وعمر بن عبد العزيز ، والزهري ، وسليمان بن موسى والثوري ، ومالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي . وقد ذكرنا حديث ابن عباس فيه ، ولأنه لو وجب عليهم ، لوجب بإقرار غيرهم ، ولا يقبل إقرار شخص على غيره ولأنه يتهم في أن يواطئ من يقر له بذلك ليأخذ الدية من عاقلته ، فيقاسمه إياها .

                                                                                                                                            إذا ثبت هذا ، فإنه يلزمه ما اعترف به ، وتجب الدية عليه حالة في ماله ، في قول أكثرهم . وقال أبو ثور ، وابن عبد الحكم : لا يلزمه شيء ، ولا يصح إقراره ; لأنه مقر على غيره لا على نفسه ، ولأنه لم يثبت موجب إقراره ، فكان باطلا ، كما لو أقر على غيره بالقتل . ولنا ، قوله تعالى : { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله } . ولأنه مقر على نفسه بالجناية الموجبة للمال ، فصح إقراره ، كما لو أقر بإتلاف مال ، أو بما لا تحمل ديته العاقلة ، ولأنه محل مضمون ، فيضمن إذا اعترف به ، كسائر المحال ، وإنما سقطت عنه الدية في محل الوفاق لتحمل العاقلة لها ، فإذا لم تحملها ، وجبت عليه ، كجناية المرتد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية