الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وإذا رجم الزانيان المسلمان غسلا وكفنا وصلي عليهما ودفنا ) معا ، كغيرهما من المسلمين ، لحديث الغامدية وفيه : { فرجمت وصلى عليها } رواه الترمذي وقال حسن صحيح ( وإذا زنى الحر غير المحصن من رجل أو امرأة جلد مائة ) لقوله تعالى : { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } ( وغرب عاما ) لقوله صلى الله عليه وسلم : { البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام } ولأن الخلفاء الراشدين فعلوا [ ص: 92 ] ذلك بالحر غير المحصن وانتشر ، ولم يعرف لهم مخالف ، فكان كالإجماع ( إلى مسافة القصر ) لأن ما دون ذلك في حكم الحضر ( في بلد معين ) لأن التغريب يتحقق بذلك ( وإن رأى الإمام التغريب إلى فوق مسافة القصر فعل ) لتناول الحبر له .

                                                                                                                      ( والبدوي يغرب عن حلته ) بكسر الحاء ( وقومه ) إلى مسافة القصر فأكثر ( ولا يمكن ) البدوي ( من الإقامة بينهم ) أي بين قومه حتى يمضي العام ليحصل التغريب ( ولو عين السلطان جهة لتغريبه وطلب الزاني جهة غيرها تعين ما عينه السلطان ) لأن إقامته للسلطان لا للزاني ( ولو أراد الحاكم تغريبه فخرج بنفسه وغاب سنة ثم عاد لم يكفه في ظاهر كلامهم ) لأنه لا يحصل به الزجر كما لو جلد نفسه ( ولا يحبس ) المغرب ( في البلد الذي نفي إليه ) لعدم وروده ( فإن عاد ) المغرب ( من تغريبه قبل مضي الحول أعيد تغريبه حتى يكمل الحول مسافرا ) لقوله صلى الله عليه وسلم { وتغريب عام } ( ويبني على ما مضى ) قبل عوده ، فلا يلزمه أن يستأنف لزيادته إذن عن العام .

                                                                                                                      ( وتغرب امرأة مع محرم وجوبا إن تيسر ) لأنه سفر واجب أشبه سفر الحج ( فيخرج ) المحرم ( معها حتى يسكنها في موضع ثم إن شاء رجع ) المحرم ( إذا أمن عليها ) لانقضاء السفر ( وإن شاء أقام ) المحرم ( معها ) حتى ينقضي العام ( وإن أبى ) المحرم ( الخروج معها ) إلا بأجرة ( بذلت له الأجرة من مالها ) لأن ذلك من معونة سفرها أشبه المركوب والنفقة ( فإن تعذر ) أخذ الأجرة منها ( فمن بيت المال ) لأن فيه مصلحة أشبه نفقة نفسها إن أمكن ( فإن أبى ) المحرم ( الخروج معها نفيت وحدها ) قال في الترغيب وغيره مع الأمن ( كما لو تعذر ) المحرم لأنه لا سبيل إلى تأخيره ( كسفر الهجرة وسفر الحج إذا مات المحرم في الطريق ) وتقدم ( وقيل تستأجر امرأة ثقة اختاره جماعة ) لأنه لا بد من شخص يكون معها لأجل حفظها وحينئذ لم يكن بد من امرأة ثقة ليحصل المقصود من الحفظ .

                                                                                                                      ( وإذا زنى الغريب غرب إلى بلد غير وطنه ) ليكون تغريبا ( وإن زنى ) المغرب ( في البلد الذي غرب إليه غرب إلى غير البلد الذي غرب منه ، وتدخل بقية مدة ) التغريب ( الأول في ) التغريب ( الثاني لأن الحدين من جنس فتداخلا ) كما سبق انتهى .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية