الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فإن انتفخ الحيوان فيها أو تفسخ نزح جميع ما فيها صغر الحيوان أو كبر ) لانتشار البلة في أجزاء الماء . قال ( وإن كانت البئر معينا لا يمكن نزحها أخرجوا مقدار ما كان فيها من الماء ) وطريق معرفته أن تحفر حفرة مثل موضع الماء من البئر ويصب فيها ما ينزح منها إلى أن تمتلئ أو ترسل فيها قصبة ويجعل لمبلغ الماء علامة ثم ينزح منها عشر دلاء مثلا ، ثم تعاد القصبة فينظر كم انتقص فينزح لكل قدر منها عشر دلاء ، وهذان عن أبي يوسف رحمه الله ، وعن محمد رحمه الله نزح مائتا دلو إلى ثلثمائة فكأنه بنى قوله على ما شاهد في بلده ، وعن أبي حنيفة رحمه الله في الجامع الصغير في مثله ينزح حتى يغلبهم الماء ولم يقدر الغلبة بشيء [ ص: 106 ] كما هو دأبه . وقيل يؤخذ بقول رجلين لهما بصارة في أمر الماء ، وهذا أشبه بالفقه .

التالي السابق


( قوله نزح جميع ما فيها ) هذا إذا مات . والحاصل أن المخرج حيا إن كان نجس العين أو في بدنه نجاسة معلومة نزحت كلها ، وإنما قلنا معلومة لأنهم قالوا في البقر ونحوه يخرج حيا لا يجب نزح شيء وإن كان الظاهر اشتمال بولها على أفخاذها ، لكن يحتمل طهارتها بأن سقطت عقيب دخولها ماء كثيرا ، هذا مع الأصل وهو الطهارة [ ص: 106 ] تظافرا على عدم النزح والله سبحانه وتعالى أعلم .

وقيل ينزح من الشاة كله ، والقواعد تنبو عنه ما لم يعلم يقينا تنجسها كما قلنا ، وإن كان نجس السؤر فقط أو مكروهه أو مشكوكه ، فإن لم يدخل فاه الماء فلا بأس ، وإن أدخله نزح الكل في النجس ، وكذا تظافر كلامهم في المشكوك وهو يناسب ما تقدم أول الفصل من قوله إلا إذا غلب على الماء فيخرج من أن يكون طهورا ، والمشكوك غير محكوم بطهوريته فينزح كله ، بخلاف المكروه فإنه غير مسلوب للطهورية ، فلذا إنما استحبوا فيه أن ينزح عشر دلاء ، وقيل عشرون احتياطا ، هذا ولكن المصنف في التجنيس قال في المشكوك : وجب نزح الكل لأنه حكم بنجاسته احتياطا ، ثم ذكر بعد قريب ورقتين أن لعابهما يفسد الماء ، قال : ومعنى الفساد أنه لا يبقى طهورا لأن الإشكال في الطهورية .

قال : وروى الحسن بن أبي مالك عن أبي يوسف أن الماء يتنجس بوقوع عرق الحمار .

قال : وقد ذكرنا في مسائل ما يشير إلى هذه الرواية لكنه خلاف ظاهر الرواية ا هـ . وقال قاضي خان في فتاواه : في الكلب يقع في البئر تنزح كلها وإن لم يصب فمه الماء ، وعلله بعلتين : نجاسة عينه ، ولأن مأواه في النجاسات . ثم قال : وسائر السباع بمنزلة الكلب ، وقد يشكل على مثل البقرة ولو وقع عظم عليه دسومة أو لحم نزح الكل ، وقالوا لو تلطخ عظم بنجاسة فوقع وتعذر إخراجه تطهر البئر بالنزح ويجعل ذلك غسلا للعظم ، ولو سال النجس على الآجر ثم وصل إلى الماء فنزحها طهارة للكل . [ فرع ]

البعد بين البالوعة والبئر المانع من وصول النجاسة إلى البئر خمسة أذرع في رواية أبي سليمان ، وفي رواية أبي حفص سبعة . وقال الحلواني : المعتبر الطعم أو اللون أو الريح ، فإن لم يتغير جاز وإلا لا ولو [ ص: 107 ] كان عشرة أذرع




الخدمات العلمية