الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1824 (وفعله أبو طلحة، وأبو هريرة، وابن العباس، وحذيفة رضي الله عنهم).

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي: فعل أبو طلحة مثلما فعل أبو الدرداء، واسم أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري، ووصل أثره عبد الرزاق من طريق قتادة وابن أبي شيبة من طريق حميد، كلاهما عن أنس، ولفظ قتادة: " أن أبا طلحة كان يأتي أهله فيقول: هل من غذاء؟ فإن قالوا: لا، صام يومه ذلك، قال قتادة: وكان معاذ يفعله"، قوله: " أبو هريرة" عطف على قوله: " أبو طلحة"؛ أي: وفعله أيضا أبو هريرة، ووصل أثره البيهقي من طريق ابن أبي ذئب، عن عثمان بن نجيح، عن سعيد بن المسيب قال: رأيت أبا هريرة يطوف بالسوق، ثم يأتي أهله فيقول: عندكم شيء؟ فإن قالوا: لا، قال: فأنا صائم"، قوله: " وابن عباس" ؛ أي: فعله ابن عباس، فوصل أثره الطحاوي [ ص: 303 ] من طريق عمرو بن أبي عمر، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه كان يصبح حتى يظهر، ثم يقول: والله، لقد أصبحت وما أريد الصوم، وما أكلت من طعام ولا شراب منذ اليوم، ولأصومن يومي هذا، قوله: " وحذيفة" ؛ أي: وفعله حذيفة، فوصل أثره عبد الرزاق وابن أبي شيبة من طريق سعيد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال حذيفة: من بدا له الصيام بعدما تزول الشمس فليصم"، وفي رواية ابن أبي شيبة: " أن حذيفة بدا له في الصوم بعدما زالت الشمس، فصام".

                                                                                                                                                                                  وقد اختلف العلماء فيمن نوى الصوم بعد طلوع الفجر الصادق، فقال الأوزاعي، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق: لا يجوز صوم رمضان إلا بنية من الليل، وهو مذهب الظاهرية، وقال النخعي، والثوري، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، وزفر: تجوز النية في صوم رمضان والنذر المعين وصوم النفل إلى ما قبل الزوال.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن المنذر: اختلفوا فيمن أصبح يريد الإفطار ثم بدا له أن يصوم تطوعا، فقالت طائفة: له أن يصوم متى ما بدا له، فذكر أبا الدرداء، وأبا طلحة، وأبا هريرة، وحذيفة، وابن عباس، وابن مسعود، وأبا أيوب رضي الله تعالى عنهم، ثم قال: وبه قال الشافعي وأحمد، وقال بعضهم: والذي نقله ابن المنذر عن الشافعي من الجواز مطلقا، سواء كان قبل الزوال أو بعده، هو أحد القولين للشافعي، والذي نص عليه في معظم كتبه التفرقة، وقال مالك في النافلة: لا يصوم إلا أن يبيت، إلا إن كان يسرد الصوم، فلا يحتاج إلى التبييت، ولكن المعروف عن مالك، والليث، وابن أبي ذئب أنه لا يصح صيام التطوع إلا بنية من الليل، وقال مجاهد: الصائم بالخيار ما بينه وبين نصف النهار، فإذا جاوز ذلك فإنما بقي له بقدر ما بقي من النهار، وقال الشعبي: من أراد الصوم فهو مخير ما بينه وبين نصف النهار، وعن الحسن: إذا تسحر الرجل فقد وجب عليه الصوم، فإن أفطر فعليه القضاء، وإن هم بالصوم فهو بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر، وروى ابن أبي شيبة، عن المعتمر، عن حميد، عن أنس: من حدث نفسه بالصيام فهو بالخيار ما لم يتكلم حتى يمتد النهار"، وقال سفيان بن سعيد وأحمد بن حنبل: من أصبح وهو ينوي الفطر إلا أنه لم يأكل ولم يشرب ولا وطئ، فله أن ينوي الصوم، ما لم تغب الشمس ويصح الصوم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية