الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
سلام هي حتى مطلع الفجر .

[5] سلام هي أي: سلام على أولياء الله وأهل طاعته، وسميت سلاما؛ لكثرة السلام فيها؛ لأن الملائكة لا تمر بمؤمن ولا مؤمنة إلا سلمت عليه، فـ (حتى) متعلقة بـ (سلام) ؛ أي: إن الملائكة تسلم من غروب الشمس.

حتى أي: إلى وقت مطلع الفجر أي: طلوعه. قرأ الكسائي، وخلف: (مطلع) بكسر اللام، والباقون: بفتحها، وهما لغتان في مصدر طلع، والأزرق عن ورش على أصله في تفخيمها.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه". [ ص: 408 ]

والجمهور من أهل العلم على أنها في شهر رمضان، وعامة الصحابة والعلماء على أنها باقية إلى يوم القيامة، وقد أبهمها الله -عز وجل- على الأمة؛ ليجتهدوا في الدعاء والعبادة ليالي شهر رمضان؛ طمعا في إدراكها، كما أخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة، واسمه الأعظم في الأسماء، وأخفى قيام الساعة؛ ليجتهدوا في الطاعات؛ حذرا من قيامها.

واختلف الأئمة فيها، فعند أبي حنيفة: هي في شهر رمضان تدور فيه، وعنه رواية تدور في كل السنة، وعند صاحبيه: هي منكرة؛ أي: غير معينة، ولكنها دائمة في شهر رمضان؛ أي: ثابتة لا تتقدم ولا تتأخر، وعند مالك: هي في شهر رمضان في العشر الأخير لتسع بقين، أو سبع أو خمس، وميل الشافعي إلى أنها ليلة الحادي والعشرين، أو الثالث والعشرين منه، وعند أحمد: هي في العشر الأخير منه، والوتر آكد، وأرجاه ليلة سبع وعشرين.

وقد ذكر الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في "شرح البخاري" فيها خمسة وأربعين قولا، ولخصها صاحب "الإنصاف" فيه: الأول: قد رفعت، والثاني: خاصة بسنة واحدة وقعت في زمنه عليه أفضل الصلاة والسلام، الثالث: خاصة بهذه الأمة، الرابع: ممكنة في جميع السنة، الخامس: تنتقل في جميع السنة، السادس: ليلة النصف من شعبان، [ ص: 409 ] السابع: مختصة برمضان ممكنة في جميع لياليه، الثامن: أول ليلة منه، التاسع: النصف منه، العاشر: ليلة سبع عشرة، الحادي عشر: ثماني عشر، الثاني عشر: تسع عشر، الثالث عشر: حادي عشرين، الرابع عشر: ثاني عشرين، الخامس عشر: ثالث عشرين، السادس عشر: رابع عشرين، السابع عشر: خامس عشرين، الثامن عشر: سادس عشرين، التاسع عشر: سابع عشرين، العشرون: ثامن عشرين، الحادي والعشرون: تاسع عشرين، الثاني والعشرون: ليلة الثلاثين، الثالث والعشرون: أرجاها ليلة إحدى وعشرين، الرابع والعشرون: ثلاث وعشرين، الخامس والعشرون: سبع وعشرين، السادس والعشرون: تنتقل في جميع رمضان، السابع والعشرون: في النصف الأخير، الثامن والعشرون: في العشر الأخير كله، التاسع والعشرون: في أوتار العشر الأخير، الثلاثون: مثله بزيادة الليلة الأخيرة، الحادي والثلاثون: في السبع الأواخر، وهي الليالي السبع من آخر الشهر، الثاني والثلاثون: أو هي آخر سبع من الشهر، الثالث والثلاثون: منحصرة في السبع الأواخر منه، الرابع والثلاثون: في أشفاع العشر الأوسط والعشر الأخير، الخامس والثلاثون: مبهمة في العشر الأوسط، السادس والثلاثون: أول ليلة أو آخر ليلة، السابع والثلاثون: أول ليلة أو تاسع ليلة أو سابع عشرة أو إحدى وعشرين أو آخر ليلة، الثامن والثلاثون: في سبع أو ثمان من أول النصف الثاني، التاسع والثلاثون: ليلة ست عشرة أو سبع عشرة، الأربعون: ليلة سبع عشرة أو تسع عشرة أو [ ص: 410 ] إحدى وعشرين، الحادي والأربعون: ليلة تسع عشرة أو إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين، الثاني والأربعون: ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين، الثالث والأربعون: ليلة اثنين وعشرين أو ثلاث وعشرين، الرابع والأربعون: ليلة ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين، الخامس والأربعون: الثالثة من العشر الأخير أو الخامسة منه، والله أعلم.

* * * [ ص: 411 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية