الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 355 ] ذكر صفة النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                      قال إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن جده ، سمع البراء يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها ، وأحسنه خلقا ، ليس بالطويل الذاهب ، ولا بالقصير . اتفقا عليه من حديث إبراهيم .

                                                                                      وقال البخاري : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا زهير ، عن أبي إسحاق قال رجل للبراء : أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السيف ؟ قال : لا ، مثل القمر .

                                                                                      وقال إسرائيل ، عن سماك أنه سمع جابر بن سمرة قال له رجل : أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه مثل السيف ؟ قال : لا ، بل مثل الشمس والقمر مستديرا . رواه مسلم .

                                                                                      وقال المحاربي وغيره ، عن أشعث ، عن أبي إسحاق ، عن جابر بن سمرة قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة إضحيان ، وعليه حلة حمراء ، فجعلت أنظر إليه وإلى القمر ، فلهو كان أحسن في عيني من القمر .

                                                                                      وقال عقيل ، عن ابن شهاب : أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبيه ، عن جده قال : لما أن سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يبرق وجهه ، وكان إذا سر استنار وجهه كأنه قطعة قمر . [ ص: 356 ] أخرجه البخاري .

                                                                                      وقال ابن جريج ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : دخل النبي صلى الله عليه وسلم يوما مسرورا وأسارير وجهه تبرق ، وذكر الحديث . متفق عليه .

                                                                                      وقال يعقوب الفسوي : حدثنا سعيد قال : حدثنا يونس بن أبي يعفور العبدي ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن امرأة من همدان سماها قالت : حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته على بعير له يطوف بالكعبة ، بيده محجن ، فقلت لها : شبهيه . قالت : كالقمر ليلة البدر ، لم أر قبله ولا بعده مثله .

                                                                                      وقال يعقوب بن محمد الزهري : حدثنا عبد الله بن موسى التيمي قال : حدثنا أسامة بن زيد ، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال : قلنا للربيع بنت معوذ : صفي لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت : لو رأيته لقلت : الشمس طالعة .

                                                                                      وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن : سمعت أنسا وهو يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : كان ربعة من القوم ، ليس بالطويل البائن ، ولا بالقصير ، أزهر اللون ، ليس بأبيض أمهق ، ولا آدم ، ليس بجعد قطط ، ولا بالسبط ، بعث على رأس أربعين سنة ، وتوفي وهو ابن ستين سنة ، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء . متفق عليه .

                                                                                      [ ص: 357 ] وقال خالد بن عبد الله ، عن حميد ، عن أنس : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمر اللون .

                                                                                      وقال ثابت ، عن أنس : كان أزهر اللون .

                                                                                      وقال علي بن عاصم : أخبرنا حميد قال : سمعت أنسا يقول : كان صلى الله عليه وسلم أبيض ، بياضه إلى السمرة .

                                                                                      وقال سعيد الجريري : كنت أنا وأبو الطفيل نطوف بالبيت ، فقال : ما بقي أحد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري . قلت : صفه لي . قال : كان أبيض مليحا مقصدا . أخرجه مسلم . ولفظه : كان أبيض مليح الوجه .

                                                                                      وقال ابن فضيل ، عن إسماعيل ، عن أبي جحيفة قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض قد شاب ، وكان الحسن بن علي يشبهه . متفق عليه .

                                                                                      وقال عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن محمد بن الحنفية ، عن أبيه ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم أزهر اللون . رواه عنه حماد بن سلمة .

                                                                                      وقال المسعودي ، عن عثمان بن عبد الله بن هرمز ، عن نافع بن جبير ، عن علي : كان صلى الله عليه وسلم مشربا وجهه حمرة . رواه شريك ، عن عبد الملك بن عمير ، عن نافع مثله .

                                                                                      وقال عبد الله بن إدريس وغيره : حدثنا ابن إسحاق ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم ، عن أبيه ، أن سراقة بن جعشم قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما دنوت منه ، وهو على ناقته ، أنظر إلى ساقه كأنها جمارة .

                                                                                      [ ص: 358 ] وقال ابن عيينة : أخبرنا إسماعيل بن أمية ، عن مزاحم بن أبي مزاحم ، عن عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد ، عن محرش الكعبي قال : اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة ليلا ، فنظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة .

                                                                                      وقال يعقوب الفسوي : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء قال : حدثني عمرو بن الحارث قال : حدثني عبد الله بن سالم ، عن الزبيدي قال : أخبرني محمد بن مسلم ، عن سعيد بن المسيب ، أنه سمع أبا هريرة يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : كان شديد البياض .

                                                                                      وقال رشدين بن سعد ، عن عمرو بن الحارث ، عن أبي يونس مولى أبي هريرة ، عن أبي هريرة قال : ما رأيت شيئا أحسن من النبي صلى الله عليه وسلم ، كأن الشمس تجري في وجهه ، وما رأيت أحدا أسرع في مشيته منه صلى الله عليه وسلم ، كأن الأرض تطوى له ، إنا لنجتهد ، وإنه غير مكترث . رواه ابن لهيعة ، عن أبي يونس .

                                                                                      وقال شعبة ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليع الفم ، أشكل العينين ، منهوس الكعبين . أخرجه مسلم .

                                                                                      ورواه أبو داود ، عن شعبة ، فقال : أشهل العينين ، منهوس العقب .

                                                                                      وقال أبو عبيد : الشكلة : كهيئة الحمرة ، تكون في بياض العين ، والشهلة : حمرة في سواد العين . قلت : ومنهوس الكعب : قليل لحم [ ص: 359 ] العقب . كذا فسره سماك بن حرب لشعبة .

                                                                                      وقال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا عباد ، عن حجاج ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة ، عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كنت إذا نظرت إليه قلت : أكحل العينين ، وليس بأكحل ، وكان في ساقيه حموشة ، وكان لا يضحك إلا تبسما .

                                                                                      وقال عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن محمد بن علي ، عن أبيه رضي الله عنه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم العينين ، أهدب الأشفار ، مشرب العين بحمرة ، كث اللحية .

                                                                                      وقال خالد بن عبد الله الطحان ، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قيل لعلي رضي الله عنه : انعت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : كان أبيض مشربا بياضه حمرة ، وكان أسود الحدقة ، أهدب الأشفار .

                                                                                      وقال عبد الله بن سالم ، عن الزبيدي ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كان مفاض الجبين ، أهدب الأشفار ، أسود اللحية ، حسن الثغر ، بعيد ما بين المنكبين ، يطأ بقدميه جميعا ، ليس له أخمص .

                                                                                      وقال عبد العزيز بن أبي ثابت الزهري ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، عن موسى بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلج الثنيتين ، إذا تكلم رؤي كالنور بين ثناياه . عبد العزيز متروك .

                                                                                      وقال المسعودي ، عن عثمان بن عبد الله بن هرمز ، عن نافع بن [ ص: 360 ] جبير ، عن علي : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضخم الرأس واللحية ، شثن الكفين والقدمين ، ضخم الكراديس ، طويل المسربة .

                                                                                      روى مثله شريك ، عن عبد الملك بن عمير ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن علي ، ولفظه : كان ضخم الهامة ، عظيم اللحية .

                                                                                      وقال سعيد بن منصور : حدثنا نوح بن قيس قال : حدثنا خالد بن خالد التميمي ، عن يوسف بن مازن الراسبي أن رجلا قال لعلي : انعت لنا النبي صلى الله عليه وسلم . قال : كان أبيض مشربا حمرة ، ضخم الهامة ، أغر أبلج أهدب الأشفار .

                                                                                      وقال جرير بن حازم : حدثنا قتادة قال : سئل أنس عن شعره صلى الله عليه وسلم ، فقال : كان لا سبط ، ولا جعد بين أذنيه وعاتقه . متفق عليه .

                                                                                      وقال همام ، عن قتادة ، عن أنس : كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب منكبيه . البخاري .

                                                                                      وقال حميد ، عن أنس ، كان إلى أنصاف أذنيه . مسلم .

                                                                                      قلت : والجمع بينهما ممكن .

                                                                                      وقال معمر ، عن ثابت ، عن أنس : كان إلى شحمة أذنيه . أبو داود في " السنن " .

                                                                                      وقال شعبة : أخبرنا أبو إسحاق قال : سمعت البراء يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مربوعا ، بعيد ما بين المنكبين ، يبلغ شعره شحمة أذنيه ، [ ص: 361 ] عليه حلة حمراء ، ما رأيت شيئا أحسن منه . متفق عليه .

                                                                                      وأخرجه البخاري من حديث إسرائيل ، ولفظه : ما رأيت أحدا من خلق الله في حلة حمراء أحسن منه ، وإن جمته تضرب قريبا من منكبيه .

                                                                                      وأخرجه مسلم من حديث الثوري ، ولفظه : له شعر يضرب منكبيه ، وفيه : ليس بالطويل ولا بالقصير .

                                                                                      وقال شريك ، عن عبد الملك بن عمير ، عن نافع بن جبير قال : وصف لنا علي رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كان كثير شعر الرأس ، رجله . . إسناده حسن .

                                                                                      وقال عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كان شعر النبي صلى الله عليه وسلم فوق الوفرة ، ودون الجمة . أخرجه أبو داود ، وإسناده حسن .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية