قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=28974والراسخون في العلم يقولون آمنا به الآية [ 3 \ 7 ] ، لا يخفى أن هذه الواو محتملة للاستئناف ، فيكون قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7والراسخون في العلم مبتدأ ، وخبره يقولون ، وعليه فالمتشابه لا يعلم تأويله إلا الله وحده ، والوقف على هذا تام على لفظة الجلالة ومحتملة لأن تكون عاطفة ، فيكون قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7والراسخون معطوفا على لفظ الجلالة ، وعليه فالمتشابه يعلم تأويله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162الراسخون في العلم أيضا ، وفي الآية إشارات تدل على أن الواو استئنافية لا عاطفة .
[ ص: 192 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة في روضة الناظر ما نصه : ولأن في الآية قرائن تدل على أن الله سبحانه متفرد بعلم المتشابه ، وأن الوقف الصحيح عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وما يعلم تأويله إلا الله لفظا ومعنى ، أما اللفظ فلأنه لو أراد عطف الراسخين لقال : ويقولون آمنا به بالواو ، أما المعنى فلأنه ذم مبتغي التأويل ، ولو كان ذلك للراسخين معلوما لكان مبتغيه ممدوحا لا مذموما ; ولأن قولهم آمنا به يدل على نوع تفويض وتسليم لشيء لم يقفوا على معناه سيما إذا تبعوه بقولهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7كل من عند ربنا فذكرهم ربهم هاهنا يعطي الثقة به والتسليم لأمره ، وأنه صدر من عنده ، كما جاء من عنده المحكم ; ولأن لفظة أما لتفصيل الجمل فذكره لها في
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7الذين في قلوبهم زيغ مع وصفه إياهم باتباع المتشابه
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وابتغاء تأويله يدل على قسم آخر يخالفهم في هذه الصفة ، وهم الراسخون . ولو كانوا يعلمون تأويله لم يخالفوا القسم الأول في ابتغاء التأويل ، وإذ قد ثبت أنه غير معلوم التأويل لأحد فلا يجوز حمله على غير ما ذكرنا . اهـ من " الروضة " بلفظه .
ومما يؤيد أن الواو استئنافية لا عاطفة ، دلالة الاستقراء في القرآن أنه تعالى إذا نفى عن الخلق شيئا وأثبته لنفسه ، أنه لا يكون له في ذلك الإثبات شريك كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=65قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله [ 27 \ 65 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187لا يجليها لوقتها إلا هو [ 7 \ 187 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=88كل شيء هالك إلا وجهه [ 28 \ 88 ] ، فالمطابق لذلك أن يكون قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وما يعلم تأويله إلا الله ، معناه : أنه لا يعلمه إلا هو وحده كما قاله
الخطابي وقال : لو كانت الواو في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7والراسخون في العلم للنسق ، لم يكن لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7كل من عند ربنا فائدة : والقول بأن الوقف تام على قوله : إلا الله ، وأن قوله : والراسخون ابتداء كلام هو قول جمهور العلماء للأدلة القرآنية التي ذكرنا .
وممن قال بذلك
عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
وعائشة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب ، نقله عنهم
القرطبي وغيره ، ونقله
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
يونس ، عن
أشهب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي والأخفش nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء وأبي عبيد .
وقال
أبو نهيك الأسدي : إنكم تصلون هذه الآية وإنها مقطوعة وما انتهى علم الراسخين إلا إلى قولهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7آمنا به كل من عند ربنا ، والقول بأن الواو عاطفة مروي
[ ص: 193 ] أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وبه قال
مجاهد والربيع ،
ومحمد بن جعفر بن الزبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد وغيرهم . وممن انتصر لهذا القول وأطال فيه
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك ونظير الآية في احتمال الاستئناف والعطف قول الشاعر :
[ مرفل الكامل ]
الريح تبكي شجوها والبرق يلمع في الغمامه
فيحتمل أن يكون والبرق مبتدأ ، والخبر يلمع كالتأويل الأول ، فيكون مقطوعا مما قبله ، ويحتمل أن يكون معطوفا على الريح ، ويلمع في موضع الحال على التأويل الثاني أي : لامعا .
واحتج القائلون بأن الواو عاطفة بأن الله - سبحانه وتعالى - مدحهم بالرسوخ في العلم فكيف يمدحهم بذلك وهم جهال .
قال
القرطبي : قال شيخنا
أبو العباس أحمد بن عمرو : هذا القول هو الصحيح فإن تسميتهم راسخين يقتضي أنهم يعلمون أكثر من المحكم الذي يستوي في علمه جميع من يفهم كلام العرب ، وفي أي شيء هو رسوخهم إذا لم يعلموا إلا ما يعلم الجميع . انتهى منه بلفظه .
قال مقيده عفا الله عنه : يجاب عن كلام شيخ
القرطبي المذكور بأن رسوخهم في العلم هو السبب الذي جعلهم ينتهون حيث انتهى علمهم ويقولون فيما لم يقفوا على علم حقيقته من كلام الله جل وعلا :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7آمنا به كل من عند ربنا بخلاف غير الراسخين فإنهم يتبعون
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، وهذا ظاهر .
وممن قال بأن الواو عاطفة
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في تفسيره " الكشاف " . والله تعالى أعلم ونسبة العلم إليه أسلم .
وقال بعض العلماء : والتحقيق في هذا المقام أن الذين قالوا : هي عاطفة جعلوا معنى التأويل التفسير وفهم المعنى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007151اللهم علمه التأويل " ، أي : التفسير وفهم معاني القرآن ، والراسخون يفهمون ما خوطبوا به وإن لم يحيطوا علما بحقائق الأشياء على كنه ما هي عليه . والذين قالوا : هي استئنافية جعلوا معنى التأويل حقيقة ما يئول إليه الأمر وذلك لا يعلمه إلا الله ، وهو تفصيل جيد ولكنه يشكل عليه أمران :
الأول قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : التفسير على أربعة أنحاء : تفسير : لا
[ ص: 194 ] يعذر أحد في فهمه ، وتفسير تعرفه العرب من لغاتها ، وتفسير يعلمه العلماء ، وتفسير لا يعلمه إلا الله . فهذا تصريح من
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن هذا الذي لا يعلمه إلا الله بمعنى التفسير لا ما تئول إليه حقيقة الأمر .
وقوله هذا ينافي التفصيل المذكور .
الثاني : أن
nindex.php?page=treesubj&link=28910_28899_28900الحروف المقطعة في أوائل السور لا يعلم المراد بها إلا الله إذ لم يقم دليل على شيء معين أنه هو المراد بها من كتاب ، ولا سنة ، ولا إجماع ولا من لغة العرب . فالجزم بأن معناها كذا على التعيين تحكم بلا دليل .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=28974وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ الْآيَةَ [ 3 \ 7 ] ، لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْوَاوَ مُحْتَمِلَةٌ لِلِاسْتِئْنَافِ ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مُبْتَدَأٌ ، وَخَبَرُهُ يَقُولُونَ ، وَعَلَيْهِ فَالْمُتَشَابِهُ لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ ، وَالْوَقْفُ عَلَى هَذَا تَامٌّ عَلَى لَفْظَةِ الْجَلَالَةِ وَمُحْتَمَلَةٌ لِأَنْ تَكُونَ عَاطِفَةً ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وَالرَّاسِخُونَ مَعْطُوفًا عَلَى لَفْظِ الْجَلَالَةِ ، وَعَلَيْهِ فَالْمُتَشَابِهُ يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ أَيْضًا ، وَفِي الْآيَةِ إِشَارَاتٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ اسْتِئْنَافِيَّةٌ لَا عَاطِفَةٌ .
[ ص: 192 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابْنُ قُدَامَةَ فِي رَوْضَةِ النَّاظِرِ مَا نَصُّهُ : وَلِأَنَّ فِي الْآيَةِ قَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ مُتَفَرِّدٌ بِعِلْمِ الْمُتَشَابِهِ ، وَأَنَّ الْوَقْفَ الصَّحِيحَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ لَفْظًا وَمَعْنًى ، أَمَّا اللَّفْظُ فَلِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ عَطْفَ الرَّاسِخِينَ لَقَالَ : وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ بِالْوَاوِ ، أَمَّا الْمَعْنَى فَلِأَنَّهُ ذَمُّ مُبْتَغِي التَّأْوِيلِ ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لِلرَّاسِخِينَ مَعْلُومًا لَكَانَ مُبْتَغِيهِ مَمْدُوحًا لَا مَذْمُومًا ; وَلِأَنَّ قَوْلَهُمْ آمَنَّا بِهِ يَدُلُّ عَلَى نَوْعِ تَفْوِيضٍ وَتَسْلِيمٍ لِشَيْءٍ لَمْ يَقِفُوا عَلَى مَعْنَاهُ سِيَّمَا إِذَا تَبِعُوهُ بِقَوْلِهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا فَذِكْرُهُمْ رَبَّهُمْ هَاهُنَا يُعْطِي الثِّقَةَ بِهِ وَالتَّسْلِيمَ لِأَمْرِهِ ، وَأَنَّهُ صَدَرَ مِنْ عِنْدِهِ ، كَمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِ الْمُحْكَمُ ; وَلِأَنَّ لَفْظَةَ أَمَّا لِتَفْصِيلِ الْجُمَلِ فَذِكْرُهُ لَهَا فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ مَعَ وَصْفِهِ إِيَّاهُمْ بِاتِّبَاعِ الْمُتَشَابِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ يَدُلُّ عَلَى قِسْمٍ آخَرَ يُخَالِفُهُمْ فِي هَذِهِ الصِّفَةِ ، وَهُمُ الرَّاسِخُونَ . وَلَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ لَمْ يُخَالِفُوا الْقِسْمَ الْأَوَّلَ فِي ابْتِغَاءِ التَّأْوِيلِ ، وَإِذْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومِ التَّأْوِيلِ لِأَحَدٍ فَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا . اهـ مِنْ " الرَّوْضَةِ " بِلَفْظِهِ .
وَمِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّ الْوَاوَ اسْتِئْنَافِيَّةٌ لَا عَاطِفَةٌ ، دَلَالَةُ الِاسْتِقْرَاءِ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ تَعَالَى إِذَا نَفَى عَنِ الْخَلْقِ شَيْئًا وَأَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ ، أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ الْإِثْبَاتِ شَرِيكٌ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=65قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [ 27 \ 65 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ [ 7 \ 187 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=88كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [ 28 \ 88 ] ، فَالْمُطَابِقُ لِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ، مَعْنَاهُ : أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا هُوَ وَحْدَهُ كَمَا قَالَهُ
الْخَطَّابِيُّ وَقَالَ : لَوْ كَانَتِ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ لِلنَّسَقِ ، لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا فَائِدَةٌ : وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْوَقْفَ تَامٌّ عَلَى قَوْلِهِ : إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ قَوْلَهُ : وَالرَّاسِخُونَ ابْتِدَاءُ كَلَامٍ هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لِلْأَدِلَّةِ الْقُرْآنِيَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا .
وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ
عُمَرُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَعَائِشَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16561وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16673وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، نَقَلَهُ عَنْهُمُ
الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَنَقَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ
يُونُسَ ، عَنْ
أَشْهَبَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيِّ وَالْأَخْفَشِ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءِ وَأَبِي عُبَيْدٍ .
وَقَالَ
أَبُو نَهِيكٍ الْأَسَدِيُّ : إِنَّكُمْ تَصِلُونَ هَذِهِ الْآيَةَ وَإِنَّهَا مَقْطُوعَةٌ وَمَا انْتَهَى عِلْمُ الرَّاسِخِينَ إِلَّا إِلَى قَوْلِهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْوَاوَ عَاطِفَةٌ مَرْوِيُّ
[ ص: 193 ] أَيْضًا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَبِهِ قَالَ
مُجَاهِدٌ وَالرَّبِيعٌ ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14946وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُمْ . وَمِمَّنِ انْتَصَرَ لِهَذَا الْقَوْلِ وَأَطَالَ فِيهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابْنُ فُورَكٍ وَنَظِيرُ الْآيَةِ فِي احْتِمَالِ الِاسْتِئْنَافِ وَالْعَطْفِ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
[ مُرَفَّلِ الْكَامِلِ ]
الرِّيحُ تَبْكِي شَجْوَهَا وَالْبَرْقُ يَلْمَعُ فِي الْغَمَامَهْ
فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَالْبَرْقُ مُبْتَدَأٌ ، وَالْخَبَرُ يَلْمَعُ كَالتَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ ، فَيَكُونُ مَقْطُوعًا مِمَّا قَبْلَهُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الرِّيحِ ، وَيَلْمَعُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي أَيْ : لَامِعًا .
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْوَاوَ عَاطِفَةٌ بِأَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - مَدَحَهُمْ بِالرُّسُوخِ فِي الْعِلْمِ فَكَيْفَ يَمْدَحُهُمْ بِذَلِكَ وَهُمْ جُهَّالٌ .
قَالَ
الْقُرْطُبِيُّ : قَالَ شَيْخُنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو : هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ فَإِنَّ تَسْمِيَتَهُمْ رَاسِخِينَ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَكْثَرَ مِنَ الْمُحْكَمِ الَّذِي يَسْتَوِي فِي عِلْمِهِ جَمِيعُ مَنْ يَفْهَمُ كَلَامَ الْعَرَبِ ، وَفِي أَيِّ شَيْءٍ هُوَ رُسُوخُهُمْ إِذَا لَمْ يَعْلَمُوا إِلَّا مَا يَعْلَمُ الْجَمِيعُ . انْتَهَى مِنْهُ بِلَفْظِهِ .
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ : يُجَابُ عَنْ كَلَامِ شَيْخِ
الْقُرْطُبِيِّ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ رُسُوخَهُمْ فِي الْعِلْمِ هُوَ السَّبَبُ الَّذِي جَعَلَهُمْ يَنْتَهُونَ حَيْثُ انْتَهَى عِلْمُهُمْ وَيَقُولُونَ فِيمَا لَمْ يَقِفُوا عَلَى عِلْمِ حَقِيقَتِهِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا بِخِلَافِ غَيْرِ الرَّاسِخِينَ فَإِنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ .
وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّ الْوَاوَ عَاطِفَةٌ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ " الْكَشَّافِ " . وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَنِسْبَةُ الْعِلْمِ إِلَيْهِ أَسْلَمُ .
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الَّذِينَ قَالُوا : هِيَ عَاطِفَةٌ جَعَلُوا مَعْنَى التَّأْوِيلِ التَّفْسِيرَ وَفَهْمَ الْمَعْنَى كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007151اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ " ، أَيِ : التَّفْسِيرَ وَفَهْمَ مَعَانِي الْقُرْآنِ ، وَالرَّاسِخُونَ يَفْهَمُونَ مَا خُوطِبُوا بِهِ وَإِنْ لَمْ يُحِيطُوا عِلْمًا بِحَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ عَلَى كُنْهِ مَا هِيَ عَلَيْهِ . وَالَّذِينَ قَالُوا : هِيَ اسْتِئْنَافِيَّةٌ جَعَلُوا مَعْنَى التَّأْوِيلَ حَقِيقَةَ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ الْأَمْرُ وَذَلِكَ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ ، وَهُوَ تَفْصِيلٌ جَيِّدٌ وَلَكِنَّهُ يُشْكَلُ عَلَيْهِ أَمْرَانِ :
الْأَوَّلُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : التَّفْسِيرُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ : تَفْسِيرُ : لَا
[ ص: 194 ] يُعْذَرُ أَحَدٌ فِي فَهْمِهِ ، وَتَفْسِيرٌ تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ لُغَاتِهَا ، وَتَفْسِيرٌ يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ ، وَتَفْسِيرٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ . فَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ هَذَا الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ بِمَعْنَى التَّفْسِيرِ لَا مَا تَئُولُ إِلَيْهِ حَقِيقَةُ الْأَمْرِ .
وَقَوْلُهُ هَذَا يُنَافِي التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ .
الثَّانِيَ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28910_28899_28900الْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةَ فِي أَوَائِلِ السُّورِ لَا يَعْلَمُ الْمُرَادَ بِهَا إِلَّا اللَّهُ إِذْ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أَنَّهُ هُوَ الْمُرَادُ بِهَا مِنْ كِتَابٍ ، وَلَا سُنَّةٍ ، وَلَا إِجْمَاعٍ وَلَا مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ . فَالْجَزْمُ بِأَنَّ مَعْنَاهَا كَذَا عَلَى التَّعْيِينِ تَحَكُّمٌ بِلَا دَلِيلٍ .