الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          ( السادس : الموقوذة ) وهي التي ضربت بغير محدد حتى انحلت قواها وماتت . قال في [ ص: 115 ] القاموس : الوقذ : شدة الضرب ، قال شارحه : وفي البصائر للمصنف الموقوذة : هي التي تقتل بعصا أو بحجارة لا حد لها ، فتموت بلا ذكاة . اهـ . وشاة وقيذ وموقوذة ، والوقذ أيضا : الشديد المرض المشرف على الموت ، وما نقله ابن جرير من أقوال مفسري السلف موافق لهذا ، وهو أن الوقيذ ما ضرب بالخشب أو العصا ، وكانوا يأكلونها في الجاهلية ، والوقذ محرم في الإسلام لأنه تعذيب للحيوان وقد قال ، صلى الله عليه وسلم : إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن عن شداد بن أوس . فلما كان الوقذ محرما حرم ما قتل به ، ثم إن الموقوذة تدخل في عموم الميتة الشرعية على الوجه الذي فسرناها به أخذا من مجموع النصوص ، فإنها لم تذك تذكية شرعية لأجل الأكل .

                          قال الرازي : ويدخل في الموقوذة ما رمي بالبندق فمات ، وهي أيضا في معنى المنخنقة ; فإنها ماتت ولم يسل دمها . اهـ . فأما ما قاله في البندق وهو ما يتخذ من الطين فيرمى به بعد يبسه فعليه الجمهور ؛ عملا بحديث الصحيحين عن عبد الله بن مغفل ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الخذف ، وقال : إنها لا تصيد صيدا ولا تنكأ عدوا ، ولكنها تكسر السن وتفقأ العين والخذف بالخاء المعجمة : الرمي بالحصا والخزف وكل يابس غير محدد ، سواء رمي باليد أو المخذفة والمقلاع ، وهو في معنى الوقذ ; لأنه يعذب الحيوان ويؤذيه ، ولا يقتله ، فالعلة في النهي عنه منصوصة في الحديث ، وهو أنه تعذيب للحيوان ، وليس سببا مطردا ولا غالبا في القتل بخلاف بندق الرصاص المستعمل في الصيد الآن فإنه يصيد وينكأ ; ولذلك أفتى بجواز الصيد به المحققون من المتأخرين . وأما قوله - أي الرازي - : وهي في معنى المنخنقة ; فإنها ماتت ولم يسل دمها ، فهو تعليل مردود لأن سيلان الدم سبب لحل الحيوان ولكنه ليس شرطا ، بدليل حل ما صادته الجوارح فجاءت به ميتا ، ولم يشترط أن تجرحه في نص ، ولم يقل به أئمة الفقه كما سيأتي .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية