[ ص: 35 ] كتاب أدب القاضي قال : أما الأول فلأن حكم القضاء يستقى من حكم الشهادة لأن كل واحد منهما من باب الولاية ، فكل من كان أهلا للشهادة يكون أهلا للقضاء وما يشترط لأهلية الشهادة يشترط لأهلية القضاء ، والفاسق أهل للقضاء حتى لو قلد يصح إلا أنه لا ينبغي أن يقلد كما في حق الشهادة ، فإنه لا ينبغي أن يقبل القاضي شهادته ولو قبل جاز عندنا ، ولو كان القاضي عدلا ففسق بأخذ الرشوة أو غيره لا ينعزل ويستحق العزل ، وهذا هو ظاهر المذهب وعليه مشايخنا رحمهم الله. وقال ( ولا تصح ولاية القاضي حتى يجتمع في المولى شرائط الشهادة ويكون من أهل الاجتهاد ) رحمه الله تعالى: الفاسق لا يجوز قضاؤه كما لا تقبل شهادته عنده . الشافعي
وعن علمائنا الثلاثة رحمهم اللهفي النوادر أنه لا يجوز قضاؤه . وقال بعض المشايخ رحمهم الله: إذا قلد الفاسق ابتداء يصح ، ولو قلد [ ص: 36 ] وهو عدل ينعزل بالفسق ; لأن المقلد اعتمد عدالته فلم يكن راضيا بتقليده دونها قيل لا ; لأنه من أمور الدين وخبره غير مقبول في الديانات ، وقيل يصلح لأنه يجتهد كل الجهد في إصابة الحق حذرا عن النسبة إلى الخطإ ، وأما الثاني فالصحيح أن أهلية الاجتهاد شرط الأولوية ، فأما تقليد الجاهل فصحيح عندنا خلافا وهل يصلح الفاسق مفتيا ؟ رحمه الله . هو يقول : إن الأمر بالقضاء يستدعي القدرة عليه ولا قدرة دون العلم . ولنا أنه يمكنه أن يقضي بفتوى غيره [ ص: 37 ] ومقصود القضاء يحصل به وهو إيصال الحق إلى مستحقه . للشافعي
وينبغي للمقلد أن يختار من هو الأقدر والأولى لقوله عليه الصلاة والسلام : { }" وفي حد الاجتهاد كلام عرف في أصول الفقه . [ ص: 38 ] وحاصله أن يكون صاحب حديث له معرفة بالفقه ليعرف معاني الآثار أو صاحب فقه له معرفة بالحديث لئلا يشتغل بالقياس في المنصوص عليه . وقيل أن يكون مع ذلك صاحب قريحة يعرف بها عادات الناس لأن من الأحكام ما يبتنى عليها . من قلد إنسانا عملا وفي رعيته من هو أولى منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين
كتاب أدب القاضي
التالي
السابق
[ ص: 35 ] كتاب أدب القاضي .
الحديث الأول : روي { قضاء عليا اليمن حين لم يبلغ حد الاجتهاد }قلت : روي من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قلد ، ومن حديث علي . فحديث ابن عباس : أخرجه علي أبو داود عن شريك عن عن سماك حنش عن { ، قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي اليمن قاضيا ، فقلت : يا رسول الله ترسلني ، وأنا حديث السن ، ولا علم لي بالقضاء ؟ فقال : إن الله سيهدي قلبك ، ويثبت لسانك ، فإذا جلس بين يديك الخصمان ، فلا تقضين حتى تسمع من الآخر ، كما سمعت من الأول ، فإنه أحرى بك أن يتبين لك القضاء ، قال : فما زلت قاضيا ، أو ما شككت في قضاء بعد }انتهى .
ورواه ، أحمد ، وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم " ، ورواه وأبو داود الطيالسي في " كتاب المستدرك في كتاب الفضائل " ، وقال : حديث صحيح [ ص: 36 ] الإسناد ، ولم يخرجاه انتهى . الحاكم
طريق آخر : أخرجه في " سننه " عن ابن ماجه أبي البختري ، واسمه سعيد بن فيروز عن { قال : بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي اليمن ، وأنا شاب أقضي بينهم ، ولا أدري ما القضاء ، قال : فضرب في صدري بيده ، وقال : اللهم اهد قلبه ، وثبت لسانه ، قال : فما شككت بعد في قضاء بين اثنين }انتهى . ورواه في " المستدرك " ، وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه انتهى ورواه الحاكم في " مسنده " ، وقال : البزار أبو البختري لا يصح سماعه من ، وقد رواه علي عن شعبة عن عمرو بن مرة أبي البختري حدثني من سمع انتهى . عليا ،
ورأيت حاشيته على " المستدرك " ، قال : شعبة أبو البختري لم يدرك ، وقال عليا أبو حاتم : قتل في الجماجم ، لم يدرك انتهى . عليا
والذي أشار إليه أخرجه البزار أبو يعلى الموصلي في " مسنده " عن غندر ثنا عن شعبة عمرو ، فقال : سمعت أبا البختري يقول : أخبرني من سمع ، فذكره . طريق آخر : أخرجه عليا في " مسنده " عن البزار أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن ، فذكره ، وقال : هذا أحسن إسناد فيه عن علي انتهى . علي
طريق آخر : أخرجه في " صحيحه " عن ابن حبان عن سماك عكرمة عن عن { ابن عباس ، قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالة ، فقلت : يا رسول الله تبعثني وأنا غلام حديث السن ، فأسأل عن القضاء ، ولا أدري ما أجيب ؟ قال : ما بد من ذلك ، أن أذهب بها أنا ، أو أنت ، فقلت : إن كان ولا بد ، فأنا أذهب ، قال : انطلق ، فإن الله تعالى يثبت لسانك ، ويهدي قلبك ، إن الناس يتقاضون إليك ، فإذا أتاك الخصمان فلا تقض لواحد حتى تسمع كلام الآخر ، فإنه أجدر أن تعلم لمن الحق علي } ، انتهى .
[ ص: 37 ] وأما حديث : فأخرجه ابن عباس في " المستدرك في أول كتاب الأحكام " عن الحاكم ثنا شبابة بن سوار عن ورقاء بن عمر عن مجاهد ، قال : { ابن عباس عليا إلى اليمن ، فقال : علمهم الشرائع ، واقض بينهم ، فقال : لا علم لي بالقضاء ، فدفع في صدره ، وقال : اللهم اهده للقضاء }انتهى . وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، انتهى . بعث النبي صلى الله عليه وسلم
وأخرجه أبو داود أيضا في مراسيله " حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى ثنا ثنا محمد بن المغيرة المدني المخذومي سليمان بن محمد بن يحيى بن عروة عن ، قال : { عبد الله بن عبد العزيز العمري لما استعمل النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب على اليمن ، قال : دعاني علي } ، وأعله عبد الحق في " أحكامه " بالإرسال ، قال ابن القطان : وفيه جماعة مجهولون أعني لا يعرفون ، محمد بن المغيرة وسليمان بن محمد ، لا يعرفان بغير هذا ، والعمري هو الزاهد المشهور ، وحاله في الحديث مجهولة ، ولا أعلم له رواية غير هذه انتهى كلامه . الحديث الثاني : قال عليه السلام : { }" قلت : روي من حديث من قلد إنسانا عملا ، وفي رعيته من هو أولى منه ، فقد خان الله ، ورسوله ، وجماعة المسلمين ومن حديث ابن عباس . فحديث حذيفة أخرجه ابن عباس في " المستدرك في كتاب الأحكام " عن الحاكم حسين بن قيس الرحبي عن عكرمة عن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عباس }" انتهى . من استعمل رجلا على عصابة ، وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه ، فقد خان الله ، ورسوله ، وجماعة المسلمين
وقال : حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، وتعقبه [ ص: 38 ] شيخنا شمس الدين الذهبي في " مختصره " ، وقال : حسين بن قيس ضعيف انتهى .
قلت : رواه ابن عدي في " الكامل " وضعف حسين بن قيس عن ، النسائي ، ورواه وأحمد بن حنبل أيضا في " كتابه " ، وأعله العقيلي بحسين بن قيس ، وقال : إنما يعرف هذا من كلام انتهى . عمر بن الخطاب
وأخرجه في " معجمه " عن الطبراني حمزة النصيبي عن عمرو بن دينار عن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عباس } ، مختصر . وأخرجه من تولى من أمر المسلمين شيئا فاستعمل عليهم رجلا ، وهو يعلم أن فيهم من هو أولى بذلك ، وأعلم منه بكتاب الله ، وسنة رسوله ، فقد خان الله ورسوله ، وجماعة المسلمين في " تاريخ بغداد " عن الخطيب البغدادي إبراهيم بن زياد القرشي عن خصيف عن عكرمة عن مرفوعا ، بلفظ ابن عباس ، قال الطبراني : الخطيب وإبراهيم بن زياد في حديثه نكرة ، وقال ابن معين : لا أعرفه انتهى .
وأما حديث : فرواه حذيفة أبو يعلى الموصلي في " مسنده " حدثنا أبو وائل خالد بن محمد البصري ثنا عبد الله بن بكر السهمي ثنا خلف بن خلف عن إبراهيم بن سالم عن عمرو بن ضرار عن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { حذيفة أيما رجل استعمل رجلا على عشرة أنفس ، وعلم أن في العشرة من هو أفضل منه ، فقد غش الله ، ورسوله ، وجماعة المسلمين }" انتهى .
الحديث الأول : روي { قضاء عليا اليمن حين لم يبلغ حد الاجتهاد }قلت : روي من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قلد ، ومن حديث علي . فحديث ابن عباس : أخرجه علي أبو داود عن شريك عن عن سماك حنش عن { ، قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي اليمن قاضيا ، فقلت : يا رسول الله ترسلني ، وأنا حديث السن ، ولا علم لي بالقضاء ؟ فقال : إن الله سيهدي قلبك ، ويثبت لسانك ، فإذا جلس بين يديك الخصمان ، فلا تقضين حتى تسمع من الآخر ، كما سمعت من الأول ، فإنه أحرى بك أن يتبين لك القضاء ، قال : فما زلت قاضيا ، أو ما شككت في قضاء بعد }انتهى .
ورواه ، أحمد ، وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم " ، ورواه وأبو داود الطيالسي في " كتاب المستدرك في كتاب الفضائل " ، وقال : حديث صحيح [ ص: 36 ] الإسناد ، ولم يخرجاه انتهى . الحاكم
طريق آخر : أخرجه في " سننه " عن ابن ماجه أبي البختري ، واسمه سعيد بن فيروز عن { قال : بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي اليمن ، وأنا شاب أقضي بينهم ، ولا أدري ما القضاء ، قال : فضرب في صدري بيده ، وقال : اللهم اهد قلبه ، وثبت لسانه ، قال : فما شككت بعد في قضاء بين اثنين }انتهى . ورواه في " المستدرك " ، وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه انتهى ورواه الحاكم في " مسنده " ، وقال : البزار أبو البختري لا يصح سماعه من ، وقد رواه علي عن شعبة عن عمرو بن مرة أبي البختري حدثني من سمع انتهى . عليا ،
ورأيت حاشيته على " المستدرك " ، قال : شعبة أبو البختري لم يدرك ، وقال عليا أبو حاتم : قتل في الجماجم ، لم يدرك انتهى . عليا
والذي أشار إليه أخرجه البزار أبو يعلى الموصلي في " مسنده " عن غندر ثنا عن شعبة عمرو ، فقال : سمعت أبا البختري يقول : أخبرني من سمع ، فذكره . طريق آخر : أخرجه عليا في " مسنده " عن البزار أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن ، فذكره ، وقال : هذا أحسن إسناد فيه عن علي انتهى . علي
طريق آخر : أخرجه في " صحيحه " عن ابن حبان عن سماك عكرمة عن عن { ابن عباس ، قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالة ، فقلت : يا رسول الله تبعثني وأنا غلام حديث السن ، فأسأل عن القضاء ، ولا أدري ما أجيب ؟ قال : ما بد من ذلك ، أن أذهب بها أنا ، أو أنت ، فقلت : إن كان ولا بد ، فأنا أذهب ، قال : انطلق ، فإن الله تعالى يثبت لسانك ، ويهدي قلبك ، إن الناس يتقاضون إليك ، فإذا أتاك الخصمان فلا تقض لواحد حتى تسمع كلام الآخر ، فإنه أجدر أن تعلم لمن الحق علي } ، انتهى .
[ ص: 37 ] وأما حديث : فأخرجه ابن عباس في " المستدرك في أول كتاب الأحكام " عن الحاكم ثنا شبابة بن سوار عن ورقاء بن عمر عن مجاهد ، قال : { ابن عباس عليا إلى اليمن ، فقال : علمهم الشرائع ، واقض بينهم ، فقال : لا علم لي بالقضاء ، فدفع في صدره ، وقال : اللهم اهده للقضاء }انتهى . وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، انتهى . بعث النبي صلى الله عليه وسلم
وأخرجه أبو داود أيضا في مراسيله " حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى ثنا ثنا محمد بن المغيرة المدني المخذومي سليمان بن محمد بن يحيى بن عروة عن ، قال : { عبد الله بن عبد العزيز العمري لما استعمل النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب على اليمن ، قال : دعاني علي } ، وأعله عبد الحق في " أحكامه " بالإرسال ، قال ابن القطان : وفيه جماعة مجهولون أعني لا يعرفون ، محمد بن المغيرة وسليمان بن محمد ، لا يعرفان بغير هذا ، والعمري هو الزاهد المشهور ، وحاله في الحديث مجهولة ، ولا أعلم له رواية غير هذه انتهى كلامه . الحديث الثاني : قال عليه السلام : { }" قلت : روي من حديث من قلد إنسانا عملا ، وفي رعيته من هو أولى منه ، فقد خان الله ، ورسوله ، وجماعة المسلمين ومن حديث ابن عباس . فحديث حذيفة أخرجه ابن عباس في " المستدرك في كتاب الأحكام " عن الحاكم حسين بن قيس الرحبي عن عكرمة عن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عباس }" انتهى . من استعمل رجلا على عصابة ، وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه ، فقد خان الله ، ورسوله ، وجماعة المسلمين
وقال : حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، وتعقبه [ ص: 38 ] شيخنا شمس الدين الذهبي في " مختصره " ، وقال : حسين بن قيس ضعيف انتهى .
قلت : رواه ابن عدي في " الكامل " وضعف حسين بن قيس عن ، النسائي ، ورواه وأحمد بن حنبل أيضا في " كتابه " ، وأعله العقيلي بحسين بن قيس ، وقال : إنما يعرف هذا من كلام انتهى . عمر بن الخطاب
وأخرجه في " معجمه " عن الطبراني حمزة النصيبي عن عمرو بن دينار عن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عباس } ، مختصر . وأخرجه من تولى من أمر المسلمين شيئا فاستعمل عليهم رجلا ، وهو يعلم أن فيهم من هو أولى بذلك ، وأعلم منه بكتاب الله ، وسنة رسوله ، فقد خان الله ورسوله ، وجماعة المسلمين في " تاريخ بغداد " عن الخطيب البغدادي إبراهيم بن زياد القرشي عن خصيف عن عكرمة عن مرفوعا ، بلفظ ابن عباس ، قال الطبراني : الخطيب وإبراهيم بن زياد في حديثه نكرة ، وقال ابن معين : لا أعرفه انتهى .
وأما حديث : فرواه حذيفة أبو يعلى الموصلي في " مسنده " حدثنا أبو وائل خالد بن محمد البصري ثنا عبد الله بن بكر السهمي ثنا خلف بن خلف عن إبراهيم بن سالم عن عمرو بن ضرار عن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { حذيفة أيما رجل استعمل رجلا على عشرة أنفس ، وعلم أن في العشرة من هو أفضل منه ، فقد غش الله ، ورسوله ، وجماعة المسلمين }" انتهى .