الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ويصح عن جناية العمد والخطإ )

                                                                                                        أما الأول فلقوله تعالى : { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع }الآية قال ابن عباس رضي الله عنهما : إنها نزلت في الصلح عن دم العمد وهو بمنزلة النكاح حتى إن ما صلح مسمى فيه صلح بدلا هاهنا إذ كل واحد منهما مبادلة المال بغير المال إلا أن عند فساد التسمية هاهنا يصار إلى الدية ; لأنها موجب الدم ، ولو صالح على خمر لا يجب شيء ; لأنه لا يجب بمطلق العفو وفي النكاح يجب مهر المثل في الفصلين ; لأنه الموجب الأصلي ويجب مع السكوت عنه حكما ، ويدخل في إطلاق جواب الكتاب الجناية في النفس وما دونها ، وهذا بخلاف الصلح عن حق الشفعة على مال حيث لا يصح ; لأنه حق لتملك ولا حق في المحل قبل التملك ، أما القصاص فملك المحل في حق الفعل فيصح الاعتياض عنه ، وإذا لم يصح الصلح تبطل الشفعة ; لأنها تبطل بالإعراض والسكوت والكفالة بالنفس بمنزلة حق الشفعة حتى لا يجب المال بالصلح عنه غير أن في بطلان الكفالة روايتين على ما عرف في موضعه ،

                                                                                                        وأما الثاني وهو جناية الخطإ ; فلأن موجبها المال فيصير بمنزلة البيع إلا أنه لا تصح الزيادة على قدر الدية ; لأنه مقدر شرعا فلا يجوز إبطاله فترد الزيادة ; بخلاف الصلح عن القصاص حيث تجوز الزيادة على قدر الدية ; لأن [ ص: 209 ] القصاص ليس بمال وإنما يتقوم بالعقد ، وهذا إذا صالح على أحد مقادير الدية ، أما إذا صالح على غير ذلك جاز ; لأنه مبادلة بها إلا أنه يشترط القبض في المجلس كي لا يكون افتراقا عن دين بدين ، ولو قضى القاضي بأحد مقاديرها فصالح على جنس آخر منها بالزيادة جاز ; لأنه تعين الحق بالقضاء فكان مبادلة ، بخلاف الصلح ابتداء ; لأن تراضيهما على بعض المقادير بمنزلة القضاء في حق التعيين فلا تجوز الزيادة على ما تعين .

                                                                                                        [ ص: 207 - 208 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 207 - 208 ] فصل

                                                                                                        قوله : عن ابن عباس في قوله تعالى: { فمن عفي له من أخيه شيء }قال : نزلت في الصلح .




                                                                                                        الخدمات العلمية