الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: فأجمعوا أمركم وشركاءكم ؛ ويقرأ: "فاجمعوا أمركم وشركاءكم"؛ زعم الفراء أن معناه: "فاجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم"؛ وهذا غلط؛ لأن الكلام لا فائدة فيه؛ لأنهم إن كانوا يدعون شركاءهم لأن يجمعوا أمرهم؛ [ ص: 28 ] فالمعنى: "فاجمعوا أمركم مع شركائكم"؛ كما تقول: "لو تركت الناقة وفصيلها لرضعها"؛ المعنى: "لو تركت مع فصيلها لرضعها".

                                                                                                                                                                                                                                        ومن قرأ: "وشركاؤكم"؛ جاز أن يعطف به على الواو؛ لأن المنصوب قد قوى الكلام؛ لو قلت: "لو تركت اليوم وزيد لعلمت"؛ جاز؛ ولو قلت: "لو تركت وزيد"؛ لقبح؛ لأنك لا تعطف على الضمير المرفوع حتى تقوي المرفوع بلفظ معه.

                                                                                                                                                                                                                                        ومن قرأ: "وشركاءكم"؛ في قوله: "فاجمعوا أمركم"؛ بوصل الألف؛ فنصبه على ضربين؛ أحدهما: العطف على الأمر؛ المعنى: "فاجمعوا أمركم؛ واجمعوا شركاءكم"؛ ويكون: "فاجمعوا مع شركائكم أمركم"؛ ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ؛ أي: ليكن أمركم ظاهرا منكشفا؛ كما قال رؤبة :


                                                                                                                                                                                                                                        بل لو شهدت الناس إذ تكموا بغمة لو لم تفرج غموا

                                                                                                                                                                                                                                        غموا بالمكروه؛ بغمة؛ أي: ما يسترهم؛ واشتقاق ذلك من "الغمامة"؛ التي تستر؛ ويجوز "ثم لا يكن أمركم عليكم غمة"؛ أي: غما .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 29 ] ثم اقضوا إلي ولا تنظرون ؛ قرئت: "ثم أفضوا إلي"؛ فمن قال: "ثم اقضوا إلي"؛ فالمعنى: "ثم افعلوا ما تريدون"؛ و"ثم أفضوا"؛ بالفاء؛ وهي قريبة المعنى منها.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية