الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وجاءه قومه يهرعون إليه ؛ أي: يسرعون في المجيء؛ فراودوه عن ضيفه؛ وحاولوا فتح بابه؛ فأعلمته الملائكة أنهم رسل الله؛ وأن قومه الفسقة لن يصلوا إليهم؛ فقال لهم لوط - حين راودوه -: هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي ؛ فقيل: إنهم عرض عليهم التزويج؛ وكأنه عرضه عليهم إن أسلموا؛ وقيل: "هؤلاء بناتي": نساء أمتي؛ فكأنه قال لهم: التزويج أطهر لكم؛ فلما حاولوا فتح الباب طمس الله أعينهم؛ قال الله - عز وجل -: ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم ؛ ولما استعجلوه بالعذاب؛ قالت له الرسل: إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب

                                                                                                                                                                                                                                        هن أطهر لكم ؛ القراءة بالرفع في "أطهر"؛ وقد رويت عن الحسن: "هن أطهر لكم"؛ وعن عيسى بن عمر ؛ وذكر سيبويه أن ابن مروان لحن في هذه في نصبها؛ وليس يجيز أحد من البصريين وأصحابهم نصب "أطهر"؛ ويجيزها [ ص: 68 ] غيرهم؛ والذين يجيزونها يجعلون "هن"؛ في هذا بمنزلتها في "كان"؛ فإذا قالوا: "هؤلاء بناتي أطهر لكم"؛ أجازوا "هن أطهر لكم"؛ كما يجيزون "كان زيد هو أطهر من عمرو"؛ وهذا ليس بمنزلة "كان" .

                                                                                                                                                                                                                                        إنما يجوز أن يقع "هو"؛ وتثنيتها وجمعها "عمادا"؛ فيما لا يتم الكلام إلا به؛ نحو: "كان زيد أخاك"؛ لأنهم إنما أدخلوا "هم"؛ ليعلموا أن الخبر لا بد منه؛ وأنه ليس بصفة للأول؛ وباب "هذا"؛ يتم الكلام بخبره؛ إذا قلت: "هذا زيد"؛ فهو كلام تام؛ ولو جاز هذا لجاز "جاء زيد هو أنبل من عمرو" .

                                                                                                                                                                                                                                        وإجماع النحويين الكوفيين؛ والبصريين؛ أنه لا يجوز "قدم زيد هو أنبل منك"؛ حتى يرفعوا؛ فيقولوا: "هو أنبل منك"؛ وبعد؛ فالذين قرؤوا بالرفع هم قراء الأمصار؛ وهم الأكثر؛ والحسن قد قرأ "الشياطون"؛ و"الشياطون"؛ ممتنع في العربية.

                                                                                                                                                                                                                                        وقد قال بعضهم: إن المشركين في ذلك الدهر قد كان لهم أن يتزوجوا من المسلمين.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية