2728 [ ص: 381 ] كتاب العدة
قال في الفتح: إما بالولادة، أو بالأقراء، أو الأشهر. العدة اسم المدة، تتربص بها المرأة عن التزويج، بعد وفاة زوجها أو فراقه لها،
"زاد في النيل": وشرعت لأمور; منها: البراءة. ومنها: انتظار الرجعة، ومراعاة حق الزوج لكونه الأحق بها.
وعلى كل تقدير: فهي أمر تعبد الله به النساء، عند مفارقة أزواجهن:
بطلاق، أو فسخ، أو موت.
باب في الحامل تضع بعد وفاة زوجها
وقال النووي : (باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وغيرها:
بوضع الحمل) .
حديث الباب
وهو بصحيح \ مسلم النووي ص 108 - 110 جـ 10 المطبعة المصرية.
[عن حدثني ابن شهاب أن أباه كتب إلى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري سبيعة بنت الحارث الأسلمية فيسألها عن حديثها وعما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استفتته، فكتب عمر بن عبد الله إلى عبد الله [ ص: 382 ] ابن عتبة يخبره أن سبيعة أخبرته أنها كانت تحت سعد بن خولة وهو في بني عامر بن لؤي وكان ممن شهد بدرا فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك رجل من بني عبد الدار فقال لها ما لي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح إنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك: فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتزوج إن بدا لي. قال يأمره أن يدخل على فلا أرى بأسا أن تتزوج حين وضعت، وإن كانت في دمها غير أن لا يقربها زوجها حتى تطهر]. ابن شهاب:
كتاب العدة
التالي
السابق
(الشرح)
(عن أن أباه كتب إلى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره: أن يدخل على سبيعة) بضم السين وفتح الباء: تصغير "سبع". وقد ذكرها ابن سعد في المهاجرات. (بنت) أبي برزة: (الحارث، الأسلمية) . كانت تحت زوجها: سعد بن خولة; العامري.
(فيسألها عن حديثها، وعما قال لها رسول الله صلى الله عليه) وآله [ ص: 383 ] (وسلم، حين استفتته. فكتب عمر بن عبد الله إلى عبد الله بن عتبة يخبره: أن سبيعة أخبرته: أنها كانت تحت سعد بن خولة. وهو في بني عامر بن لؤي) هكذا هو في النسخ. وهو صحيح. ومعناه: نسبه في بني عامر. أي: هو منهم.
وقيل: إنه كان من حلفائهم. (وكان ممن شهد بدرا. فتوفي عنها) زوجها، (في حجة الوداع) . وقيل: إنه قتل في ذلك الوقت. وهي رواية شاذة. ونقل الاتفاق على أنه توفي فيها. (وهي حامل. فلم تنشب أن وضعت حملها) ، أي: لم تمكث. (بعد وفاته. فلما تعلت من نفاسها، تجملت للخطاب. فدخل عليها ابن عبد البر: أبو السنابل) بفتح السين: جمع "سنبلة".
واسمه: عمرو. وقيل: عامر. وقيل: "حبه. وقيل بالنون" حكاهما ابن ماكولا. وقيل: أصرم. وقيل: عبد الله.
وهو (ابن بعكك) بفتح الباء وإسكان العين، ثم كافين: الأولى مفتوحة. ابن الحجاج بن الحارث بن عبد الدار. كذا نسبه ابن الكلبي، وابن عبد البر.
[ ص: 384 ] وقيل في نسبه غير هذا.
("رجل من بني عبد الدار". فقال لها: ما لي أراك متجملة؟ لعلك ترجين النكاح. إنك والله ! ما أنت بناكح، حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشر) . قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك، جمعت علي ثيابي حين أمسيت، فأتيت رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، فسألته عن ذلك. فأفتاني: بأني قد حللت حين وضعت حملي. وأمرني بالتزوج، إن بدا لي. قال ولا أرى بأسا أن تتزوج حين وضعت. وإن كانت في دمها. غير أنه: لا يقربها زوجها حتى تطهر) . ابن شهاب:
قال النووي : أخذ بهذا الحديث جماهير العلماء، من السلف والخلف.
فقالوا: حتى لو وضعت بعد موت زوجها بلحظة قبل غسله، انقضت عدتها، وحلت في الحال للأزواج. هذا قول عدة المتوفى عنها: بوضع الحمل. مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، والعلماء كافة; إلا رواية عن وأحمد، علي، وابن عباس، وسحنون المالكي: أن عدتها بأقصى الأجلين. وهي أربعة أشهر وعشر، أو وضع الحمل.
وإلا ما روي عن الشعبي، والحسن، وإبراهيم النخعي، وحماد: أنها لا يصح زواجها، حتى تطهر من نفاسها.
[ ص: 385 ] وحجة الجمهور: حديث سبيعة المذكور. وهو مخصص لعموم قوله تعالى { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } ومبين أن قوله تعالى: { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } : عام في المطلقة والمتوفى عنها. وأنه على عمومه.
قال الجمهور: وقد تعارض عموم هاتين الآيتين. وإذا تعارض العمومان، وجب الرجوع إلى مرجح لتخصيص أحدهما. وقد وجد هنا حديث سبيعة، المخصص لأربعة أشهر وعشرة. وأنها محمولة على غير الحامل.
وأما الدليل على وموافقيه: فهو قولها في هذا الحديث: أفتاني بأني قد حللت، حين وضعت حملي. وهذا تصريح: بانقضاء العدة بنفس الوضع. الشعبي،
ولا حجة في قولها: "فلما تعلت من نفاسها، أي: طهرت منه، لأن هذا إخبار عن وقت سؤالها، ولا حجة فيه. وإنما الحجة في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنها حلت حين وضعت. ولم يعلل بالطهر من النفاس. انتهى.
وأقول: هذا مجمع عليه. وهو نص الكتاب العزيز. والمراد: وضع ما يصدق عليه مسمى الحمل، من غير فرق بين حي ولا ميت. تام الخلق أو لا. نفخ فيه الروح أم لا. ولا بد من وضعه [ ص: 386 ] جميعه، لظاهر قوله تعالى: { أجلهن أن يضعن حملهن } . فلو ولدت إحدى التوأمين، لم يصدق عليها: أنها وضعت حملها. بل وضعت بعضه.
قال النووي : سواء كان حملها ولدا، أو أكثر. كامل الخلقة، أو ناقصها، أو علقة، أو مضغة. فتنقضي العدة بوضعه، إذا كان فيه صورة خلق آدمي. سواء كانت صورة خفية تختص النساء بمعرفتها، أم جلية يعرفها كل أحد.
ودليله: إطلاق "سبيعة"، من غير سؤال عن صفة حملها. انتهى.
قلت: ترك الاستفصال في مقام الاحتمال، ينزل منزلة العموم في المقال.
والحاصل: أن الأحاديث الصحيحة الصريحة، حجة لا يمكن التخلص عنها بوجه من الوجوه، على فرض عدم اتضاح الأمر، باعتبار ما في الكتاب العزيز. وأن الآيتين من باب تعارض العمومين. مع أنه: قد تقرر في الأصول: أن الجموع المنكرة، لا عموم فيها. فلا تكون آية البقرة عامة. لأن قوله: { ويذرون أزواجا } من ذلك القبيل، فلا إشكال.
(عن أن أباه كتب إلى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره: أن يدخل على سبيعة) بضم السين وفتح الباء: تصغير "سبع". وقد ذكرها ابن سعد في المهاجرات. (بنت) أبي برزة: (الحارث، الأسلمية) . كانت تحت زوجها: سعد بن خولة; العامري.
(فيسألها عن حديثها، وعما قال لها رسول الله صلى الله عليه) وآله [ ص: 383 ] (وسلم، حين استفتته. فكتب عمر بن عبد الله إلى عبد الله بن عتبة يخبره: أن سبيعة أخبرته: أنها كانت تحت سعد بن خولة. وهو في بني عامر بن لؤي) هكذا هو في النسخ. وهو صحيح. ومعناه: نسبه في بني عامر. أي: هو منهم.
وقيل: إنه كان من حلفائهم. (وكان ممن شهد بدرا. فتوفي عنها) زوجها، (في حجة الوداع) . وقيل: إنه قتل في ذلك الوقت. وهي رواية شاذة. ونقل الاتفاق على أنه توفي فيها. (وهي حامل. فلم تنشب أن وضعت حملها) ، أي: لم تمكث. (بعد وفاته. فلما تعلت من نفاسها، تجملت للخطاب. فدخل عليها ابن عبد البر: أبو السنابل) بفتح السين: جمع "سنبلة".
واسمه: عمرو. وقيل: عامر. وقيل: "حبه. وقيل بالنون" حكاهما ابن ماكولا. وقيل: أصرم. وقيل: عبد الله.
وهو (ابن بعكك) بفتح الباء وإسكان العين، ثم كافين: الأولى مفتوحة. ابن الحجاج بن الحارث بن عبد الدار. كذا نسبه ابن الكلبي، وابن عبد البر.
[ ص: 384 ] وقيل في نسبه غير هذا.
("رجل من بني عبد الدار". فقال لها: ما لي أراك متجملة؟ لعلك ترجين النكاح. إنك والله ! ما أنت بناكح، حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشر) . قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك، جمعت علي ثيابي حين أمسيت، فأتيت رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، فسألته عن ذلك. فأفتاني: بأني قد حللت حين وضعت حملي. وأمرني بالتزوج، إن بدا لي. قال ولا أرى بأسا أن تتزوج حين وضعت. وإن كانت في دمها. غير أنه: لا يقربها زوجها حتى تطهر) . ابن شهاب:
قال النووي : أخذ بهذا الحديث جماهير العلماء، من السلف والخلف.
فقالوا: حتى لو وضعت بعد موت زوجها بلحظة قبل غسله، انقضت عدتها، وحلت في الحال للأزواج. هذا قول عدة المتوفى عنها: بوضع الحمل. مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، والعلماء كافة; إلا رواية عن وأحمد، علي، وابن عباس، وسحنون المالكي: أن عدتها بأقصى الأجلين. وهي أربعة أشهر وعشر، أو وضع الحمل.
وإلا ما روي عن الشعبي، والحسن، وإبراهيم النخعي، وحماد: أنها لا يصح زواجها، حتى تطهر من نفاسها.
[ ص: 385 ] وحجة الجمهور: حديث سبيعة المذكور. وهو مخصص لعموم قوله تعالى { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } ومبين أن قوله تعالى: { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } : عام في المطلقة والمتوفى عنها. وأنه على عمومه.
قال الجمهور: وقد تعارض عموم هاتين الآيتين. وإذا تعارض العمومان، وجب الرجوع إلى مرجح لتخصيص أحدهما. وقد وجد هنا حديث سبيعة، المخصص لأربعة أشهر وعشرة. وأنها محمولة على غير الحامل.
وأما الدليل على وموافقيه: فهو قولها في هذا الحديث: أفتاني بأني قد حللت، حين وضعت حملي. وهذا تصريح: بانقضاء العدة بنفس الوضع. الشعبي،
ولا حجة في قولها: "فلما تعلت من نفاسها، أي: طهرت منه، لأن هذا إخبار عن وقت سؤالها، ولا حجة فيه. وإنما الحجة في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنها حلت حين وضعت. ولم يعلل بالطهر من النفاس. انتهى.
وأقول: هذا مجمع عليه. وهو نص الكتاب العزيز. والمراد: وضع ما يصدق عليه مسمى الحمل، من غير فرق بين حي ولا ميت. تام الخلق أو لا. نفخ فيه الروح أم لا. ولا بد من وضعه [ ص: 386 ] جميعه، لظاهر قوله تعالى: { أجلهن أن يضعن حملهن } . فلو ولدت إحدى التوأمين، لم يصدق عليها: أنها وضعت حملها. بل وضعت بعضه.
قال النووي : سواء كان حملها ولدا، أو أكثر. كامل الخلقة، أو ناقصها، أو علقة، أو مضغة. فتنقضي العدة بوضعه، إذا كان فيه صورة خلق آدمي. سواء كانت صورة خفية تختص النساء بمعرفتها، أم جلية يعرفها كل أحد.
ودليله: إطلاق "سبيعة"، من غير سؤال عن صفة حملها. انتهى.
قلت: ترك الاستفصال في مقام الاحتمال، ينزل منزلة العموم في المقال.
والحاصل: أن الأحاديث الصحيحة الصريحة، حجة لا يمكن التخلص عنها بوجه من الوجوه، على فرض عدم اتضاح الأمر، باعتبار ما في الكتاب العزيز. وأن الآيتين من باب تعارض العمومين. مع أنه: قد تقرر في الأصول: أن الجموع المنكرة، لا عموم فيها. فلا تكون آية البقرة عامة. لأن قوله: { ويذرون أزواجا } من ذلك القبيل، فلا إشكال.