الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        المسألة السادسة في أحكام منثورة تتعلق بالتولية .

                                                                                                                                                                        يجب على الإمام نصب القاضي في كل بلدة وناحية خالية عن قاض ، فإن عرف حال من يوليه عدالة وعلما ، فذاك ، وإلا أحضره ، وجمع بينه وبين العلماء ليعرف علمه ، ويسأل عن سيرته جيرانه وخلطاءه ، فلو ولى من لا يعرف حاله ، لم تنعقد توليته ، وإن علم بعد ذلك كونه بصفة القضاة ، ويجوز أن يجعل الإمام نصب القاضي إلى والي الإقليم وأمير البلدة ، وإن لم يكن المجعول إليه صالحا للقضاء ؛ لأنه وكيل محض ، وكذا لو فوض إلى واحد من المسلمين اختيار قاض ، ثم ليس له أن يختار والده ولا ولده ، كما لا يختار نفسه .

                                                                                                                                                                        ولو قال لأهل بلد : اختاروا رجلا منكم ، وقلدوه القضاء ، قال ابن كج : جاز على الأصح . ويشترط في التولية تعيين محل ولايته من قرية ، أو بلدة ، أو ناحية ، ويشترط تعيين المولى ، فلو قال : وليت أحد هذين أو من رغب في القضاء ببلدة كذا من علمائها ، لم يجز .

                                                                                                                                                                        ولو قال : فوضت القضاء إلى فلان وفلان ، فهذا نصب قاضيين . وفي الأحكام السلطانية للقاضي الماوردي : إن تولية القضاء تنعقد بما تنعقد به الوكالة ، وهو المشافهة باللفظ ، والمراسلة ، والمكاتبة عند الغيبة ، ويجئ في المراسلة والمكاتبة خلاف كما سبق في الوكالة ، وإن كان المذهب الصحة كما ذكره . وفيه أن صريح اللفظ : وليتك القضاء ، واستخلفتك ، واستنبتك ، ولم يذكر التفويض بصيغة الأمر ، كقوله : اقض بين الناس ، أو احكم ببلدة كذا ، وهو [ ص: 124 ] ملحق بالصرائح ، كما في الوكالة .

                                                                                                                                                                        وفيه أن الكنايات : اعتمدت عليك في القضاء ، أو رددته إليك ، أو اعتمدت ، أو فوضت ، أو وكلت ، أو أسندت ، وينبغي أن يقترن بها ما يلحقها بالصرائح ولا يكاد يتضح فرق بين : وليتك القضاء ، وفوضته إليك .

                                                                                                                                                                        قلت : الفرق واضح فإن قوله : وليتك متعين لجعله قاضيا ، وفوضت إليك محتمل أن يراد توكيله في نصب قاض ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وفيه أن عند المشافهة يشترط القبول على الفور ، وفي المراسلة والمكاتبة لا يشترط الفور ، وقد سبق في الوكالة خلاف في اشتراط القبول ، وأنه إذا اشترط ، فالأصح أنه لا يعتبر الفور فليكن هكذا هنا .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية