الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3449 [ ص: 311 ] باب: مبايعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، تحت الشجرة على ترك الفرار

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب استحباب مبايعة الإمام الجيش، عند إرادة القتال. وبيان بيعة الرضوان تحت الشجرة) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              ( وهو بصحيح مسلم \ النووي ص2 ج13 المطبعة المصرية)

                                                                                                                              [عن جابر; قال: كنا يوم الحديبية ألفا وأربع مائة. فبايعناه، وعمر آخذ بيده تحت الشجرة. وهي سمرة. وقال: بايعناه على أن لا نفر. ولم نبايعه على الموت ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              ( عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما; ( قال: كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة) . وفي رواية: "ألفا وخمسمائة". وفي أخرى: "ألفا وثلاثمائة".

                                                                                                                              [ ص: 312 ] وقد ذكر البخاري ومسلم: هذه الروايات الثلاث في صحيحيهما. وأكثر روايتهما: "ألفا وأربعمائة". وكذا ذكر البيهقي : أن أكثر روايات هذا الحديث: "ألفا وأربعمائة".

                                                                                                                              ويمكن أن يجمع بينهما: بأنهم كانوا "أربعمائة وكسرا". فمن قال: "أربعمائة": لم يعتبر الكسر. ومن قال: "خمسمائة": اعتبره. ومن قال: "ألفا وثلاثمائة": ترك بعضهم، لكونه لم يتقن العد، أو لغير ذلك.

                                                                                                                              ( فبايعناه، وعمر) رضي الله عنه; ( آخذ بيده تحت الشجرة. وهي سمرة. فقال: وبايعناه على أن لا نفر. ولم نبايعه على الموت) .

                                                                                                                              وفي رواية أخرى عنه; عند مسلم: "لم نبايع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الموت، وإنما بايعناه على أن لا نفر".

                                                                                                                              وفي أخرى عن سلمة: "أنهم بايعوه يومئذ، على الموت" .

                                                                                                                              [ ص: 313 ] وفي أخرى: البيعة على الهجرة. والبيعة على الإسلام والجهاد.

                                                                                                                              وفي رواية: "بايعنا على السمع والطاعة، وأن لا ننازع الأمر أهله".

                                                                                                                              وفي أخرى: البيعة على الصبر. قال أهل العلم: هذه الرواية، تجمع المعاني كلها، وتبين مقصود كل الروايات;

                                                                                                                              فالبيعة "على أن لا نفر"، معناه: الصبر حتى نظفر بعدونا، أو نقتل. وهو معنى البيعة "على الموت"; أي: نصبر، وإن آل بنا ذلك إلى الموت. لا أن الموت مقصود في نفسه. وكذا البيعة "على الجهاد"; أي: والصبر فيه. وكان في أول الإسلام: يجب على العشرة من المسلمين: أن يصبروا لمائة من الكفار، ولا يفروا منهم. وعلى المائة: الصبر لألف كافر. ثم نسخ ذلك، وصار الواجب مصابرة المثلين فقط. هذا مذهب الشافعي . ومذهب ابن عباس، ومالك، والجمهور: أن الآية منسوخة.

                                                                                                                              وقال أبو حنيفة، وطائفة: ليست بمنسوخة. واختلفوا في أن المعتبر: مجرد العدد من غير مراعاة القوة والضعف؟ أم يراعى؟ والجمهور على أنه: لا يراعى، لظاهر القرآن.

                                                                                                                              وأما حديث عبادة: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا. إلخ"، فإنما كان ذلك في أول الأمر في ليلة العقبة، قبل الهجرة من مكة. وقبل فرض الجهاد.




                                                                                                                              الخدمات العلمية