الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3635 باب: استحباب الضحية بكبشين أملحين أقرنين والذبح باليد، والتسمية والتكبير

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب استحباب الضحية، وذبحها مباشرة بلا توكيل، والتسمية والتكبير) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص120،121 ج13 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أنس ; قال: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين، أقرنين. قال: ورأيته يذبحهما بيده. ورأيته واضعا قدمه على صفاحهما. قال: وسمى وكبر ] .

                                                                                                                              [ ص: 428 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 428 ] (الشرح)

                                                                                                                              ( عن أنس) رضي الله عنه; ( قال: ضحى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكبشين أملحين) .

                                                                                                                              قال ابن الأعرابي : "الأملح": هو الأبيض الخالص البياض.

                                                                                                                              وقال الأصمعي : هو الأبيض، ويشوبه شيء من السواد.

                                                                                                                              وقال أبو حاتم : هو الذي يخالط بياضه حمرة.

                                                                                                                              وقال بعضهم: هو الأسود يعلوه حمرة.

                                                                                                                              وقال الكسائي : هو الذي فيه بياض وسواد، والبياض أكثر.

                                                                                                                              وقال الخطابي : هو الأبيض، الذي في خلل صوفه: طبقات سود.

                                                                                                                              وقال الداودي : هو المتغير الشعر بسواد وبياض.

                                                                                                                              وفيه: استحباب استحسان لون الأضحية . وقد أجمعوا عليه. قالت الشافعية : أفضلها البيضاء. ثم الصفراء. ثم الغبراء، وهي التي لا يصفو بياضها، ثم البلقاء، وهي التي بعضها أبيض وبعضها أسود. ثم السوداء.

                                                                                                                              ( أقرنين) . أي: لكل واحد منهما قرنان حسنان.

                                                                                                                              وفيه: دليل على استحباب التضحية "بالأملح الأقرن". قال النووي : قال العلماء: فيستحب "الأقرن".

                                                                                                                              [ ص: 429 ] قال: وفي هذا الحديث: جواز تضحية الإنسان بعدد من الحيوان. واستحباب "الأقرن ".

                                                                                                                              قال: وأجمع العلماء على جواز التضحية "بالأجم"، الذي لم يخلق له قرنان . واختلفوا في مكسور القرن;

                                                                                                                              فجوزه الشافعي، وأبو حنيفة، والجمهور. سواء كان يدمى أم لا.

                                                                                                                              وكرهه مالك إذا كان يدمى وجعله عيبا.

                                                                                                                              وأجمعوا: على استحباب استحسانها واختيار أكملها.

                                                                                                                              وأجمعوا: على أن "العيوب الأربعة"، المذكورة في حديث البراء ; وهو المرض، والعجف، والعور، والعرج البين: لا تجزئ التضحية بها. وكذا ما كان في معناها، أو أقبح; كالعمى. وقطع الرجل وشبهه. وحديث البراء "صحيح": أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وغيرهم من أصحاب السنن: بأسانيد صحيحة، وحسنة. قال أحمد: ما أحسنه من حديث! وقال الترمذي : حسن صحيح، ولم يخرجه الشيخان.

                                                                                                                              ( قال: فرأيته يذبحهما بيده) . فيه: أنه يستحب أن يتولى الإنسان ذبح أضحيته بنفسه. ولا يوكل في ذبحها إلا لعذر، وحينئذ يستحب: [ ص: 430 ] أن يشهد ذبحها.

                                                                                                                              قال النووي : وإن استناب فيها مسلما: جاز بلا خلاف. وإن استناب كتابيا: كره كراهة تنزيه، وأجزأه. ووقعت التضحية عن الموكل. قال: هذا مذهبنا، ومذهب العلماء كافة، إلا مالكا في رواية. فإنه لم يجوزها.

                                                                                                                              ويجوز: أن يستنيب صبيا، أو امرأة حائضا. لكن يكره توكيل الصبي. وفي كراهة توكيل الحائض وجهان; قالت الشافعية : "الحائض" أولى بالاستنابة من الصبي. "والصبي" أولى من الكتابي. قالوا: والأفضل لمن وكل: أن يوكل مسلما، فقيها بباب الذبائح والضحايا. لأنه أعرف بشروطها وسننها. انتهى .

                                                                                                                              ( قال: ورأيته واضعا قدمه على صفاحهما) . أي: صفحة العنق. وهي جانبه. وإنما فعل هذا ليكون أثبت له، وأمكن، لئلا تضطرب الذبيحة برأسها، فتمنعه من إكمال الذبح، أو تؤذيه. وهذا أصح من الحديث الذي جاء بالنهي عن هذا.

                                                                                                                              ( قال: وسمى) . فيه: إثبات التسمية على الضحية، وسائر الذبائح. قال النووي : وهذا مجمع عليه. ولكن هل هو شرط أم مستحب؟ فيه خلاف. انتهى . قلت: بل هو شرط.

                                                                                                                              [ ص: 431 ] ( وكبر) . فيه: استحباب "التكبير" مع التسمية. فيقول: "باسم الله والله أكبر".

                                                                                                                              والحديث يشير: إلى أن الضحية بالشاة أفضل. وقد ورد في حديث أبي هريرة يرفعه; عند أحمد، والترمذي : "نعمت الأضحية: الجذع من الضأن". ورجحه الشوكاني في مؤلفاته. وهو قول مالك .

                                                                                                                              وورد ما يدل: على أن الشاة تجزئ عن أهل البيت. لأن الصحابة كانوا يفعلون ذلك في عهده، صلى الله عليه وآله وسلم. والظاهر: اطلاعه فلا ينكر عليهم. ويدل على ذلك أيضا: حديث: "على كل أهل بيت في كل عام: أضحية". وفي ذلك خلاف لبعض أهل العلم. لكن قال في النيل: الحق أنها تجزئ عن أهل البيت، وإن كانوا مائة نفس أو أكثر كما قضت بذلك السنة. قال: والحق أن "البدنة" تجزئ عن عشرة في الهدي. وبه قال ابن راهويه، وابن خزيمة. وأما البقرة، فتجزئ عن سبعة فقط اتفاقا، في الهدي والضحية. انتهى.




                                                                                                                              الخدمات العلمية