الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
101 - باب

475 - ثنا محمد بن عثمان بن خالد بن عمر بن الوليد بن عثمان بن عفان أبو مروان ، ثنا إبراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب ، عن عطاء بن [ ص: 207 ] يزيد ، عن أبي هريرة ، أخبره أن الناس قالوا : يا رسول الله ، هل نرى ربنا تبارك وتعالى يوم القيامة ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل تضارون في القمر ليلة البدر ؟ " قالوا : لا ، يا رسول الله قال : " فهل تضارون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب ؟ " قالوا : لا ، يا رسول الله قال : " فإنكم ترونه هكذا يوم القيامة ، يجمع الله تعالى الناس يوم القيامة فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه . فيتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت ، وتبقى هذه الأمة فيها شافعوها - أو منافقوها ، شك إبراهيم بن سعد - فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم . فيقولون : نعوذ بالله منك . هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا عز وجل ، فإذا رأيناه عرفناه ، فيأتيهم الله تعالى في الصورة التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم . فيقولون : أنت ربنا ، فيعرفونه . وينصب الصراط بين ظهراني جهنم ، فأكون أنا وأمتي أول من يجيز ، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ، ودعاء الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم . وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان . هل رأيتم السعدان ؟ " قالوا : نعم ، يا رسول الله . قال : " فإنها مثل شوك السعدان ، غير إنه لا يعلم ما قدر عظمها إلا الله تبارك وتعالى ، تخطف الناس بأعمالهم ، فمنهم الموبق بعمله ، ومنهم المجدول ، أو المجازى ، أو نحو من الكلام ينجو . حتى إذا فرغ الله تعالى من القضاء بين العباد فأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار ، أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا ممن أراد الله أن يرحمه ، فمن يشهد أن لا إله إلا الله ، فتعرف وجوههم في النار بآثار السجود ، فتأكل النار ابن آدم إلا آثار السجود ، حرم الله تعالى على النار أن تأكل آثار السجود ، فيخرجون من النار وقد امتحشوا ، فيصب عليهم ماء الحياة ، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل ، ثم يفرغ الله تعالى من القضاء بين العباد ، ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار ، وهو آخر أهل الجنة دخولا الجنة ، فيقول : يا رب اصرف [ ص: 208 ] وجهي عن النكر ، فإنه قشبني ريحها ، وأحرقني ذكاءها . فيدعو الله ما شاء أن يدعوه فيقول : هل عسيت أن أعطيك ذلك أن تسألني غيره ؟ فيقول : لا ، وعزتك لا أسألك غيره . ويعطي ربه من عهود ومواثيق ما شاء الله . فيصرف الله وجهه عن النار ، فإذا أقبل على الجنة فرآها سكت ما شاء الله أن يسكت ، ثم يقول : أي رب قربني إلى باب الجنة . فيقول الله تعالى له : أليس قد أعطيت أن لا تسألني غيرها ، ويلك يا ابن آدم ، ما أغدرك فيقول : يا رب ، ويدعو الله تعالى حتى يقول : هل عسيت أن أعطيك أن تسألني غيره ؟ فيقول : لا ، وعزتك لا أسألك غيره . فيعطي الله ما شاء من عهود ومواثيق ، فيقدمه إلى باب الجنة ، فإذا قام عند الباب فارتفعت له الجنة ، فرأى ما فيها من الخيرات والسرور ، فيسكت ما شاء الله أن يسكت ، ثم يقول : يا رب أدخلني الجنة . فيقول : أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لا تسألني غير ما أعطيتك ؟ فيقول : ويلك يا ابن آدم ، ما أغدرك فيقول : يا رب لا أكون أشقى خلقك . فلا يزال يدعو حتى يضحك الله تعالى منه ، فإذا ضحك الله منه قال : ادخل الجنة . فإذا دخل قال له : تمن . فيسأل ربه ويتمنى حتى إنه ليذكره من كذا وكذا ، فيسأل حتى إذا انقطعت به الأماني " . قال : " قال الله عز وجل : ولك مثله " . قال عطاء بن يزيد : وأبو سعيد مع أبي هريرة لا يرد عليه من قوله شيئا .

التالي السابق


الخدمات العلمية