الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
916 - حدثنا يعقوب بن حميد ، ثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن سلمة بن كهيل ، عن زيد بن وهب ، قال : لما خرجت الخوارج بالنهروان ، قام علي ، رضي الله عنه في أصحابه ، فقال : [ ص: 445 ] إن هؤلاء القوم قد خلفوا في كذا والمال ، وإني مخرج الناس ، وهم أدنى العدو إليكم ، فكيف تسيرون إلى عدوكم ، وأنا أخاف أن يخلفكم هؤلاء بأعقابكم ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " يخرج خارجة من أمتي ، ليس صلواتكم إلى صلواتهم بشيء ، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء ، ولا قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ، يقرؤون القرآن يرون أنه لهم وهو عليهم ، لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضد ليس لها ذراع ، عليها مثل حلمة الثدي عليها شعرات بيض " ، لو يعلم الجيش الذي يسيرون إليهم ما قضى الله لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم ، ما نكلوا عن العمل ، فسيروا على اسم الله ، والله إني لأرجو أن تكونوا هؤلاء القوم . قال أبو سليمان زيد بن وهب : فيسيرنا منزلا منزلا ، حتى قال : أحدنا على قنطرة الدارين . فلما التقينا قام فيهم أميرهم عبد الله بن وهب السبائي ، فقال : أذكركم الله ، ألا لما ألقيتم سلاحكم ، وانتزعتم السيوف من جفونها ، ثم حملتم حملة واحدة . قال : فشجرهم الناس برماحهم ، فقتلوا وبعضهم قريب من بعض ، ما أصيب من الناس إلا رجل واحد ، وقد كانت فيهم جراح . فقال علي : التمسوا هذا الرجل . فالتمسوه فلم يجدوه . فقام علي وإنا لنرى على وجهه كآبة ، حتى أتى على كتيبة من الناس قد ركب بعضهم على بعض ، فأمر بهم ، ففرجوا يمينا وشمالا ، فوجدوه مما يلي الأرض منهم ، فقال : الله أكبر ، صدق الله ورسوله . فقام إليه عبيدة السلماني فقال : آلله الذي لا إله إلا هو لأنت سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : إي والله الذي لا إله إلا هو لأنا سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول ذلك ثلاثا ، كل ذلك يحلف .

[ ص: 446 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية