الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون

                                                                                                                                                                                                                                      26 - ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه ؛ "إن"؛ نافية؛ أي: فيما ما مكناكم فيه؛ إلا أن "إن"؛ أحسن في اللفظ؛ لما في مجامعة "ما"؛ مثلها من التكرير المستبشع؛ ألا ترى أن الأصل في "مهما": "ما ما"؛ فلبشاعة التكرير قلبوا الألف هاء؟ وقد جعلت "إن"؛ صلة؛ وتؤول بـ "إنا مكناهم في مثل ما مكناكم فيه"؛ والوجه هو الأول؛ فقوله (تعالى): هم أحسن أثاثا ورئيا كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا ؛ و"ما"؛ بمعنى "الذي"؛ أو نكرة موصوفة؛ وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة ؛ أي: آلات الدرك والفهم؛ فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء ؛ أي: من شيء من الإغناء؛ وهو القليل منه؛ إذ كانوا يجحدون بآيات الله ؛ "إذ"؛ نصب بقوله: "فما أغنى"؛ وجرى مجرى التعليل؛ لاستواء مؤدى التعليل؛ والظرف؛ في قولك: "ضربته لإساءته"؛ و"ضربته إذ أساء"؛ لأنك إذا ضربته في وقت إساءته فإنما ضربته فيه لوجود إساءته فيه؛ إلا [ ص: 317 ] أن "إذ"؛ و"حيث"؛ غلبتا دون سائر الظروف في ذلك؛ وحاق بهم ؛ ونزل بهم؛ ما كانوا به يستهزئون ؛ جزاء استهزائهم؛ وهذا تهديد لكفار مكة؛ ثم زادهم تهديدا بقوله:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية