الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6173 ) فصل : فإن قال : أنت علي حرام . ونوى الطلاق والظهار معا ، كان ظهارا ، ولم يكن طلاقا ; لأن اللفظ الواحد لا يكون ظهارا وطلاقا ، والظهار أولى بهذا اللفظ فينصرف إليه . وقال بعض أصحاب الشافعي : يقال له : اختر أيهما شئت . وقال بعضهم : إن قال : أردت الطلاق والظهار . كان طلاقا ; لأنه بدأ به . وإن قال : أردت الظهار والطلاق ، كان ظهارا ; لأنه بدأ به ، فيكون ذلك اختيارا له ، ويلزمه ما بدأ به . ولنا أنه أتى بلفظة الحرام ينوي بها الظهار ، فكانت ظهارا ، كما لو انفرد الظهار بنيته ، ولا يكون طلاقا ; لأنه زاحمت نيته نية الظهار ، وتعذر الجمع ، والظهار أولى بهذه اللفظة ; لأن معناهما واحد ، وهو التحريم ، فيجب أن يغلب ما هو الأولى ، أما الطلاق فإن معناه الإطلاق ، وهو حل قيد النكاح ، وإنما التحريم حكم له في بعض أحواله ، وقد ينفك عنه ; فإن الرجعية مطلقة مباحة .

                                                                                                                                            وأما التخيير فلا يصح ; لأن هذه اللفظة قد ثبت حكمها حين لفظ بها ; لكونه أهلا والمحل قابلا ، ولهذا لو حكمنا بأنه طلاق ، لكانت عدتها من حين أوقع الطلاق ، وليس إليه رفع حكم ثبت في المحل باختياره ، وإبداله بإرادته ، والقول الآخر مبني على أن له الاختيار . وهو فاسد على ما ذكرنا . ثم إن الاعتبار بجميع لفظه ، لا بما بدأ به ، ولذلك لو قال : طلقت هذه أو هذه . لم يلزم طلاق الأولى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية