الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6333 ) مسألة قال : ولو طلقها ، أو مات عنها ، وهي حامل منه ، لم تنقض عدتها إلا بوضع الحمل ، أمة كانت أو حرة أجمع أهل العلم في جميع الأعصار ، على أن المطلقة الحامل تنقضي عدتها بوضع حملها . وكذلك كل مفارقة في الحياة . وأجمعوا أيضا على أن المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا ، أجلها وضع حملها ، إلا ابن عباس ، وروي عن علي من وجه منقطع ، أنها تعتد بأقصى الأجلين . وقاله أبو السنابل بن بعكك ، في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قوله ، وقد روي عن ابن عباس أنه رجع إلى قول الجماعة لما بلغه حديث سبيعة ، وكره الحسن والشعبي أن تنكح في دمها . ويحكى عن حماد وإسحاق أن عدتها لا تنقضي حتى تطهر .

                                                                                                                                            وأبى سائر أهل العلم هذا القول ، وقالوا : لو وضعت بعد ساعة من وفاة زوجها ، حل لها أن تتزوج ، ولكن ، لا يطؤها زوجها حتى تطهر من نفاسها وتغتسل ; وذلك لقول الله تعالى { : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } وروي عن أبي بن كعب ، قال : { قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن للمطلقة ثلاثا أو للمتوفى عنها ؟ قال هي للمطلقة ثلاثا ، وللمتوفى عنها } وقال ابن مسعود من شاء باهلته أو لاعنته : إن الآية التي في سورة النساء القصرى : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } نزلت بعد التي في سورة البقرة : { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا } يعني أن هذه الآية هي الأخيرة ، فتقدم على ما خالفها من عموم الآية المتقدمة ، ويخص بها عمومها .

                                                                                                                                            [ ص: 96 ] وروى عبد الله بن الأرقم ، { أن سبيعة الأسلمية أخبرته ، أنها كانت تحت سعد بن خولة ، وتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل ، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته ، فلما تعلت من نفاسها ، تجملت للخطاب ، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك ، فقال : ما لي أراك متجملة ، لعلك ترجين النكاح ؟ إنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر . قالت سبيعة : فلما قال لي ذلك ، جمعت علي ثيابي حين أمسيت ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك ، فأفتاني ، بأني قد حللت حين وضعت حملي ، فأمرني بالتزويج إن بدا لي } . متفق عليه وقال ابن عبد البر هذا حديث صحيح ، قد جاء من وجوه شتى ، كلها ثابتة ، إلا ما روي عن ابن عباس وروي عن علي من وجه منقطع .

                                                                                                                                            ولأنها معتدة حامل ، فتنقضي عدتها بوضعه كالمطلقة ، يحققه أن العدة إنما شرعت لمعرفة براءتها من الحمل ، ووضعه أدل الأشياء على البراءة منه ، فوجب أن تنقضي به العدة ، ولأنه لا خلاف في بقاء العدة ببقاء الحمل ، فوجب أن تنقضي به ، كما في حق المطلقة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية