الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5625 [ ص: 236 ] 1 - باب: قول الله - عز وجل - : ووصينا الإنسان بوالديه حسنا [العنكبوت: 8]

                                                                                                                                                                                                                              5970 - حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة قال: الوليد بن عيزار أخبرني قال: سمعت أبا عمرو الشيباني يقول: أخبرنا صاحب هذه الدار - وأومأ بيده إلى دار عبد الله - قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - : أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها". قال: ثم أي؟ قال: "ثم بر الوالدين". قال ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله". قال: حدثني بهن، ولو استزدته لزادني. [انظر: 527 - مسلم: 85 - فتح: 10 \ 400]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أبي عمرو الشيباني عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - : أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها". قال: ثم أي؟ قال: "بر الوالدين .. ". الحديث. سلف في الصلاة (وفي الجهاد، ويأتي في التوحيد) ، وذكر في التفسير أن هذه الآية التي في سورة لقمان نزلت في سعد بن أبي وقاص، قالت أمه حين هاجر: لا يظلني بيت حتى ترجع فنزلت، فأمره تعالى أن يحسن إليهما ولا يطيعهما في الشرك. وقيل: نزلت في عياش بن أبي ربيعة، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن بر الوالدين أفضل الأعمال بعد الصلاة التي هي أعظم دعائم الإسلام، ورتب ذلك بـ (ثم) التي تعطي الترتيب، وتدل على أن الثاني بعد الأول بمهلة، وقد دل التنزيل على ذلك، قال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما [الإسراء: 23] يعني: ما يقولان أو يحدثان

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 237 ] فلا تقل لهما أف قال مجاهد: والمعنى: لا تستقذرهما كما لم يكونا يستقذرانك ، وقال عطاء: لا تنفض يديك عليهما . ولا تنهرهما أي: لا تغلظ لهما في القول. وقل لهما قولا كريما أي: سهلا لينا عن قتادة وغيره.

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن المسيب: قول العبد الذليل للسيد الفظ الغليظ . واخفض لهما جناح الذل من الرحمة أي: كن بمنزلة الذليل المقهور إكراما لهما، وجعل تعالى شكر الأبوين بعد شكره، فقال: أن اشكر لي ولوالديك [لقمان: 14] وقال أبو هريرة: لا تمش أمام أبيك، ولا تقعد قبله ولا تدعه باسمه، وقيل: تمشي في الظلمة بين يديه، وقال مالك: من لم يدرك أبويه أو أحدهما فلا بأس أن يقول: رب ارحمهما كما ربياني صغيرا.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              قوله: (" الصلاة على وقتها") وفي رواية أخرى: "لوقتها" وفي أخرى: "لأول وقتها" كما سلف في بابه، وفي حديث آخر: "إيمان بالله ثم الصلاة على مواقيتها" ولم تذكر هنا; لأن الصحة موقوفة عليها.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: فضل ظاهر في بر الوالدين، وقدمه على الجهاد; لتعديه إلى (الفقير) ، ولأن الفاعل له لا يرى أنه إنما يفعله مكافأة لفعلهما له، فكأنه لا يرى فيه كبير عمل، والجهاد يرى لنفسه فيه كبير عمل.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 238 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              أبو عمرو الشيباني راويه عن ابن مسعود، اسمه سعد بن إياس بن عمرو بن الحارث بن سدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة، أدرك الجاهلية، وعاش مائة وعشرين قال: تكامل شبابي يوم اليمامة سنة (ستة عشرة) فكنت ابن أربعين سنة.

                                                                                                                                                                                                                              وعمر أيضا أبو رجاء العطاردي عمران بن ملحان، وأبو عثمان النهدي عبد الرحمن بن مل، وأبو أمية سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر الجعفي، كل منهم عاش نحوا من ثلاثين ومائة سنة وغيرهم .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية