الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
7791 - حدثنا عمر بن الخطاب ، قال : نا أبو اليمان الحكم بن نافع ، قال : نا شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، عن سعيد ، وعطاء بن زيد ، أن أبا هريرة أخبرهما أن الناس قالوا : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ قالوا : لا . فقال : فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا : لا ، قال : فإنكم ترونه كذلك ، يحبس الناس يوم القيامة ، ثم يقال : من كان يعبد شيئا فليتبعه ، فمنهم من يتبع الشمس ، ومنهم من يتبع القمر ، ومنهم من يتبع الطواغيت ، وتبقى هذه الأمة ، فيها منافقوها ، فيأتيهم - تبارك وتعالى - فيقول : أنا ربكم فيقولون : أنت ربنا ، فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم ، فأكون أول من أجوز من الرسل بأمتي ، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ، ودعوة الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم ، وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان ، هل رأيتم شوك السعدان ؟ قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : فإنها مثل شوك السعدان ، تخطف الناس بأعمالهم ، فمنهم من يخردل ، [ ص: 226 ] أو قال : يخرذل ، ومنهم من ينجو ، حتى إذا أراد الله تبارك وتعالى الرحمة بمن أراد من أهل النار ، أمر الله تبارك وتعالى الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله ، فيخرجونهم يعرفونهم بآثار السجود ، حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود ، فيخرجون من النار قد امتحشوا ، فيصب عليهم من ماء الحياة ، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ، ثم يفرغ الله تبارك وتعالى من القضاء بين العباد ، وبينا رجل بين الجنة والنار هو آخر أهل الجنة دخولا الجنة مقبل بوجهه على النار ، فيقول : يا رب اصرف وجهي عن النار ، فإنه قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها ، فيقول تبارك وتعالى : فهل عسيت إن أنا فعلت ذلك بك أن تسألني غير ذلك ، فيقول : لا وعزتك فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق ، فيصرف الله وجهه عن النار ، فإذا أقبل على الجنة فرأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت ، ثم قال : يا رب قدمني عند باب الجنة ، فيقول الله تبارك وتعالى : أوليس قد أعطيت العهود والمواثيق ألا تسأل غير الذي كنت سألت ؟ فيقول : يا رب لا أكون أشقى خلقك ، فيقول : هل عسيت إن أعطيتك أن تسألني غيره ؟ فيقول : لا وعزتك لا أسألك غير ذلك ، فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق ، فيقدمه الله تبارك وتعالى إلى باب الجنة فإذا بلغ بابها انفهقت له ، فرأى زهرتها وما فيها مثل النضرة والسرور ، [ ص: 227 ] وسكت ما شاء الله له أن يسكت ، ثم قال : يا رب أدخلني الجنة ، فيقول تبارك وتعالى : يا ابن آدم ما أغدرك قد أعطيت العهود والمواثيق ألا تسأل غير الذي أعطيت ، فيقول : يا رب لا تجعلني أشقى خلقك ، فيضحك تبارك وتعالى منه ، ثم يأذن له في دخول الجنة ، ثم يقول : تمن ، فيتمنى ، حتى إذا قطعت به الأماني قال الله تبارك وتعالى : كذا يذكره ربه حتى إذا انتهت به الأماني ، قال الله تعالى : لك ذلك ومثله معه ، قال أبو سعيد الخدري : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ذلك وعشرة أمثاله ، قال أبو هريرة : لم أحفظ من رسول الله إلا أنه قال : لك ذلك ومثله معه .

قال أبو سعيد : أشهد لسمعته يقول : لك ذلك وعشرة أمثاله
.

وهذا الحديث رواه معمر وإبراهيم بن سعد وغيرهما ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، عن أبي هريرة وأبي سعيد ، ولا نعلم أحدا جمع بين عطاء بن يزيد وسعيد بن المسيب إلا شعيب بن أبي حمزة ، ومعاوية بن [ ص: 228 ] يحيى الصدفي اتفقا على سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد ، وشعيب أثبت .

التالي السابق


الخدمات العلمية