الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              3234 3416 - حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، سمعت حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى ". [انظر: 3415 - مسلم: 2373، 2376 - فتح: 6 \ 451]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              قوله: فساهم فكان من المدحضين قال ابن عيينة: من المقمورين. وقال مجاهد: من المسهومين. قال طاوس: لما ركب السفينة ركدت، فقالوا: فيها مشئوم فقارعوا، فوقعت على يونس ثلاث مرات فالتقمه الحوت. وقيل: لما وقعت القرعة عليه ثلاثا بادر بنفسه فالتقمه الحوت.

                                                                                                                                                                                                                              قيل: والتقمه آخر إلى سبعة فأوحى الله إلى الحوت: إني لم أجعله لك غذاء، وأمره أن يؤديه كما دخل فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين بصوت ضعيف، فقالت الملائكة: يا رب من أين هذا الصوت الضعيف؟ قال: صوت يونس. قالوا: الذي كنا لا نزال نرفع له عملا صالحا؟ قال: نعم. قالوا: فنسألك يا رب إلا ما رحمته، فأمر الحوت فألقاه بالعراء، وهو وجه الأرض. قاله [ ص: 500 ] أبو عبيدة. وقال الفراء: هو المكان الخالي. وما ذكره في الشجرة هو قول مجاهد. قال: القرع والحنظل والبطيخ وكل ما لم يكن على ساق. وقال ابن مسعود: هو القرع. وقوله: أو يزيدون في [أو] أربعة أقوال: بمعنى: بل. قاله أبو عبيدة والفراء، أو بمعنى: الواو. قاله القتبي، أو للإباحة، أو على بابها. قاله محمد بن يزيد.

                                                                                                                                                                                                                              والمعنى: أرسلناه إلى جماعة لو رأيتموهم لقلتم: مائة ألف أو أكثر.

                                                                                                                                                                                                                              روي عن ابن عباس قال: أرسل إلى مائة ألف وثلاثين ألفا.

                                                                                                                                                                                                                              قال أبو مالك: أقام في بطن الحوت أربعين يوما. قال ابن طاوس: أنبت الله عليه شجرة من يقطين، فكانت تظله من الشمس ويأكل منها، فلما سقطت بكى عليها، فأوحى الله إليه أتحزن على شجرة ولا تحزن على مائة ألف أو يزيدون (تابوا) فلم أهلكهم؟

                                                                                                                                                                                                                              قال سعيد بن جبير: أرسل الله على الشجرة الأرضة فقطعت أصولها، فحزن عليها.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 501 ] قال مجاهد: كانت الرسالة قبل أن يلتقمه الحوت. وقال ابن عباس: بعدها. وتلا هذه الآية: وإن يونس لمن المرسلين .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل: لما لم يؤمن قومه به أوعدهم بالعذاب وخرج مغاضبا لهم، فلما أقبل إليهم خرجوا ففرقوا بين الأمهات وأولادها من النساء والبهائم، وجعلوا يتضرعون إلى الله تعالى قبل أن يغشاهم العذاب، فصرفه الله عنهم. ولم تقبل توبة أمة حين عاينوا العذاب غير قوم يونس.

                                                                                                                                                                                                                              ثم ذكر البخاري في الباب أربعة أحاديث.

                                                                                                                                                                                                                              أحدها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث عبد الله "لا يقولن أحدكم: إني خير من يونس بن متى" ويأتي في التفسير.

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث أبي العالية رفيع بن مهران الرياحي عن ابن عباس "ما ينبغي لعبد أن يقول: إني خير من يونس بن متى".

                                                                                                                                                                                                                              ثالثها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - "لا تفضلوا بين أنبياء الله" الحديث وفي آخره: "ولا أقول إن أحدا أفضل من يونس بن متى".

                                                                                                                                                                                                                              وأخرجه في أحاديث الأنبياء.

                                                                                                                                                                                                                              رابعها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث أبي هريرة أيضا - رضي الله عنه -: "لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى".

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 502 ] ويأتي في التفسير وأخرجه مسلم أيضا.

                                                                                                                                                                                                                              وقد أسلفنا الجواب عنها. ومنها: "لا تخيروا بين الأنبياء المرسلين" قال الداودي: وقوله: "فإنه ينفخ في الصور" إلى قوله: "ثم ينفخ فيه أخرى، فأكون أول من بعث" فيه بعض البيان لما في بعض الروايات من الوهم أن قوله: "ينفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث" فإنما يصعق يومئذ الأحياء ثم يبعث الموتى جميعا.

                                                                                                                                                                                                                              قال: وسقط في بعض الروايات قوله: "ينفخ في الصور" وقال: "يصعق الناس يوم القيامة" فأول بعضهم أنها غشية تأخذهم في الموقف.

                                                                                                                                                                                                                              وهذا غلط، وبين ذلك قوله: "فأكون أول من تنشق عنه الأرض" فبين أن الانشقاق بعد الصعقة.

                                                                                                                                                                                                                              وتقدم قول الداودي: "أكان ممن استثنى الله؟" أي: جعله ثانيا لي في البعث، وهو غير بين.

                                                                                                                                                                                                                              فائدة: في حديث أبي هريرة الأول (عبد العزيز بن أبي سلمة) وهو أبو عبد الله عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون. و(عبد الله بن الفضل) وهو ابن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.

                                                                                                                                                                                                                              وروى الثاني عن أبي الوليد، وهو هشام بن عبد الملك الطيالسي.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 503 ]



                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية