الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        28609 - قال مالك : فإن فني قبل أن يستوفي المشتري ما اشترى ، رد عليه البائع من ذهبه ، بحساب ما بقي له ، أو يأخذ منه المشتري سلعة ما بقي له ، [ ص: 167 ] يتراضيان عليها . ولا يفارقه حتى يأخذها ، فإن فارقه ، فإن ذلك مكروه ، لأنه يدخله الدين بالدين ، وقد نهي عن الكالئ بالكالئ فإن وقع في بيعهما أجل ، فإنه مكروه ، ولا يحل فيه تأخير ولا نظرة ، ولا يصلح إلا بصفة معلومة ، إلى أجل مسمى ، فيضمن ذلك البائع للمبتاع ، ولا يسمى ذلك في حائط بعينه ، ولا في غنم بأعيانها .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        28610 - قال أبو عمر : قوله : إن فني اللبن أو الفاكهة قبل أن يستوفي المشتري ما اشترى من ذلك رد عليه البائع من ذهبه بحساب ما بقي له ، فلأنه على ما ذكره في الراوية من الزيت تنشق ، ويذهب زيتها وقد قبض المشتري ، بعد ما عقد عليه صفقته من تلك الراوية ينفسخ البيع فيما لم يقبض ، ولا يلزم للبائع أن يأتيك بمثله ، لأنه ليس بسلم مضمون عليه في ذمته ، فإذا انفسخ البيع فيما وصفنا رجع بحصته من الثمن ; لأنه الواجب له ، وإذا وجب له كان أن يأخذ فيه ما شاء من السلع تاجرا ، وأن أخذه دخله الدين بالدين ; لأنه دين وجب له في ذمته الذي قبض منه ثمن ما لم يوف البدل منه ، فإن أخذه بما يأخذ منه كان كمن قد فسخ دينه ذلك بدين .

                                                                                                                        28611 - وأما قوله : " وإن وقع في بيعهما أجل " إلى آخر كلامه ، فإنما كره ذلك ; لأن الأعيان المبيعة لا يجوز الاشتراط في قبضها ; إلا بصفة معلومة ، إلا ما كان في العقار المأمون ، وما أشبهه ، وإنما يصح الأجل في بيع الصفات المضمومات ، وهي السلم المعلوم في صفة معلومة ، وكيل معلوم ، أو وزن معلوم إلى [ ص: 168 ] أجل معلوم ، وهذا لا يجوز عند الجمهور في حائط معلوم بعينه ، ولا في ثمن لبن بأعيانها .

                                                                                                                        28612 - وقد روي عن مالك أن السلم في حنطة فدية كذا معينة إذا كانت كثيرة لا تختلف في الأغلب جائز ، وأصل مذهبه ما في " الموطأ " كراهة ذلك ; لأنه غرر .

                                                                                                                        28613 - وقد كان الشافعي يقول : من شرائط المسلم الذي به يصلح أن يكون ما أسلم فيه من الطعام يقول فيه من حصاد عام كذا .

                                                                                                                        28614 - وأنكره الكوفيون ، وجعلوه من باب سلم في عين معدومة غير مضمونة ، وهو غير جائز عند الجميع .

                                                                                                                        28615 - قال أبو عمر : لا يختلفون في قليل جواز الغرر ; لأنه لا يسلم منه بيع ، ولا يمكن الإحاطة بكل المبيع لا بنظر ، ولا بصفة ، والأغلب في العام السلامة إن لم يكن في تلك كان في آخر ، ويأتي هذا في موضعه - إن شاء الله عز وجل .




                                                                                                                        الخدمات العلمية