الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        28633 - قال مالك : وإنما هذا بمنزلة أن يكري الرجل الرجل راحلته بعينها . أو يؤاجر غلامه ، الخياط أو النجار أو العمال ، لغير ذلك من الأعمال ، أو يكري مسكنه ، ويستلف إجارة ذلك الغلام ، أو كراء ذلك المسكن ، أو تلك الراحلة ، ثم يحدث في ذلك حدث بموت أو غير ذلك . فيرد رب الراحلة أو العبد أو المسكن ، إلى الذي سلفه ما بقي من كراء الراحلة أو إجارة العبد أو كراء المسكن ، يحاسب صاحبه بما استوفى من ذلك ، إن كان استوفى نصف حقه ، رد عليه النصف الباقي الذي له عنده ، وإن كان أقل من ذلك ، أو أكثر فبحساب ذلك يرد إليه ما بقي له .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        28634 - قال أبو عمر : هذا ما لا خلاف فيه ، فيسقط عنه الكلام عليه ; فقد [ ص: 173 ] اختلف قول مالك ، وأصحابه فيمن سلم في فاكهة فانقضى أيامها قبل أن يستوفي ما أسلم فيه منها : 28635 - فذكر سحنون ، عن ابن القاسم أن مالكا اختلف قوله في ذلك ، فمرة قال : يصبر فيما بقي له من السنة إلى السنة القابلة . ثم رجع فقال : لا بأس أن يأخذ بقية رأس ماله .

                                                                                                                        28636 - وقال ابن القاسم : وأنا أرى أنه بالخيار إن شاء أن يؤخره بما بقي عليه من الفاكهة إلى قابل أخره ، وإن شاء أخذ بقية رأس ماله .

                                                                                                                        28637 - وقال سحنون : ليس لواحد منهما خيار وإنما له أن يأخذ حقه من الفاكهة متأخرة إلى قابل ، ولو كان له خيار لكان فسخ الدين في الدين .

                                                                                                                        28638 - وقال أشهب : هما مجبوران على الفسخ ، ولا يجوز لهما التأخير .

                                                                                                                        28639 - وأما الشافعي فقال : من أسلم في رطب أو عنب ، فنفد حتى لا يبقى منه بالبلد الذي سلف منه شيء كان المسلف منه بالخيار بين أن يرجع بما بقي من سلفه حصته ، أو يؤخر ذلك إلى رطب قابل .

                                                                                                                        28640 - قال وقد قيل : ينفسخ بحصته ، والله أعلم .

                                                                                                                        [ ص: 174 ] 28641 - قال أبو عمر : إذا انفسخ ارتفع الخيار ، ولم يكن له إلا أخذ رأس ماله أو ما بقي له منه بعد المحاسبة .

                                                                                                                        28642 - وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد : إذا لم يقبض المسلم السلم حتى فات ، ولم يوجد مثله ، فالمسلم بالخيار إن شاء فسخ المسلم ، واسترجع رأس ماله ، وإن شاء صبر إلى وجود مثله ، فإن صبر إلى وجود مثله ، أخذ المسلم إليه به حينئذ .




                                                                                                                        الخدمات العلمية