الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
391 - ثنا أبو عمير ، ثنا ضمرة ، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني ، عن عمرو بن عبد الله الحضرمي ، عن أبي أمامة الباهلي ، قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، فكان أكثر خطبته ما يحدثنا عن الدجال ويحذرناه ، فكان من قوله : " أيها الناس إنه لم تكن فتنة على الأرض أعظم من فتنة الدجال ، وإن الله لم يبعث نبيا إلا حذره أمته ، وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم ، وهو خارج فيكم لا محالة . فإن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيج كل مسلم . وإن يخرج بعدي فكل امرئ حجيج نفسه ، والله خليفتي على كل مسلم . وإنه يخرج من [ ص: 172 ] قلة بين الشام والعراق فيعيث يمينا ويعيث شمالا ، فيا عباد الله ، اثبتوا فإنه يبدأ فيقول : أنا نبي ، ولا نبي بعدي . ثم يثني فيقول : أنا ربكم . ولن تروا ربكم حتى تموتوا . وإنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور . وإنه مكتوب بين عينيه : كافر ، يقرؤه كل مؤمن . فمن لقيه منكم فليتفل في وجهه . وإن من فتنته أن معه جنة ونارا ، فناره جنة وجنته نار ، فمن ابتلي بناره فليقرأ خواتيم سورة الكهف وليستعذ بالله تكن عليه بردا وسلاما ، كما كانت النار على إبراهيم . وإن من فتنته أن معه شياطين كذا تتمثل على صورة الناس ، فيأتي الأعرابي فيقول : أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك ، أتشهد أني ربك ؟ فيقول : نعم . فتمثل شياطينه على صورة أبيه وأمه فيقولان له : يا بني ، اتبعه ؛ فإنه ربك . وإن من فتنته أن يسلط على نفس فيقتلها ثم يحييها ، ولن يقدر لها بعد ذلك ، ولا يصنع ذلك بنفس غيرها ، ويقول : انظروا إلى عبدي هذا فإني أبعثه الآن فيزعم أن له ربا غيري ، فيبعثه فيقول : من ربك ؟ فيقول : ربي الله ، وأنت الدجال عدو الله . وإن من فتنته أن يقول للأعرابي : أرأيت إن بعثت لك أباك ، أتشهد أني ربك ؟ فيقول : نعم . فيمثل له شياطينه على صورة أبيه . وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر ، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت ، فيمر بالحي من العرب فيكذبونه ، فلا يبقى لهم سائمة إلا هلكت . ويمر بالحي من العرب فيصدقونه ، ويأمر السماء أن تمطر فتمطر ، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت ، فتروح إليهم مواشيهم من يومهم ذلك أعظم ما كانت وأسمنه ، وأمده خواصر ، وأدره ضروعا . وإن أيامه أربعون يوما : يوما كالسنة ، ويوما دون ذلك ، ويوما كالشهر ، ويوما دون ذلك ، ويوما كالجمعة ، ويوما دون ذلك ، ويوما كالأيام ، وسائر أيامه كالشررة في الجريدة " [ ص: 173 ] سمعت عبيد الله بن معاذ العنبري ، يقول : ليس على أهل القدر حديث أشد من حديث الدجال - وأحسبه ذكره عن بعض المتقدمين - يقول : لأن الله تعالى أراد ذلك وشاءه ، ولو لم يرده ويشأه لم يكن خلقه ، ولو شاء لم يخلقه ، ثم أمر الأسباب التي أرادها الله فأجابته وسخرها له ، ولو لم يرد ذلك ما كانت ، وغير جائز أن يكون الله تعالى خلق خلقا فيريد ذلك الخلق أمرا ، والله غير مريد له ولا شاءه ، فيكون ما أراد ذلك الخلق الضعيف في هيئة المعدوم بعد وجوده الذي الله المشيء له والمعدم له .

التالي السابق


الخدمات العلمية