الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      تنبيه [ في تقسيم الرخصة ]

                                                      اعلم أن جميع الأصوليين يقسمون الرخصة إلى الأقسام الثلاثة المذكورة ، وكان بعض الفضلاء يثير في ذلك بحثا ، وهو أنه إما أن يكون مقصودهم ذكر ما وقع به الترخيص أو ذكر الحالة التي صارت إليه العبادة بعد الترخيص .

                                                      فإن كان الأول فالظاهر أن الرخصة إنما هي مجرد الإحلال ، لأن الإحلال هو الذي جعل له التيسير والسهولة ، وكون ذلك الذي حل يعرض [ ص: 37 ] له أمر آخر يصيره واجبا ليس من الرخصة في شيء ، فالترخيص للمضطر من الميتة ، وإنما هو إحلالها بعد أن كانت حراما ، وكونها يجب عليه أمر آخر نشأ عن وجوب حفظ النفس ، فلا يكون الرخصة عند التحقيق إلا بمجرد الإحلال .

                                                      وإن كان مرادهم ذكر الأحوال التي صارت إليها العبادة بعد الترخيص فتقسيمها إلى ثلاثة فيه نظر ، فإنها تنقسم بالاعتبار المذكور إلى أربعة عشر نوعا ، لأن الأحكام خمسة ، وكل منها إذا صار إلى حكم آخر يخرج منه خمس أقسام في الخمسة السابقة ، فهي خمسة وعشرون قسما . يسقط منها انتقال كل حكم إلى نفسه ، فهو محال صارت عشرين ، يسقط منها الترخيص في المباح إلى الأربعة ، وهو محال ، لأنه لا شيء أحق من الإباحة ، فلا رخصة فيها صارت ستة عشر ، ويسقط منها تخفيف المستحب إلى الواجب فإنه لا تسهيل فيه ، وكذلك تخفيف المكروه إلى الحرام محال أيضا فيبقى أربعة عشر قسما .

                                                      الأول : رخصة واجبة أصلها التحريم ، كأكل الميتة للمضطر .

                                                      الثاني : رخصة مستحبة أصلها التحريم ، كالقصر في السفر بعد ثلاثة أيام .

                                                      الثالث : رخصة مكروهة أصلها التحريم ، كالقصر دون ثلاثة أيام والترخيص في النفل عن التحريم إلى الكراهة .

                                                      الرابع : رخصة مباحة أصلها التحريم ، كالتيمم عند وجود الماء بأكثر من ثمن المثل ، وكذلك عند بذل ثمن الماء له ، أو بذل آلة الاستقاء ، أو إقراض الثمن ، وكذلك إذا وجد المضطر المحرم صيدا فذبحه وميتة فيتخير بينهما .

                                                      الخامس : رخصة مستحبة أصلها الوجوب ، كإتمام الصلاة قبل ثلاثة [ ص: 38 ] أيام ، وكالصوم في السفر للقوي والترخيص في النفل في القعود .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية