الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5995 6356 - حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني عبد الله بن ثعلبة بن صعير -وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد مسح عنه- أنه رأى سعد بن أبي وقاص يوتر بركعة. [انظر: 4300 - فتح: 11 \ 151]

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 284 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 284 ] وهذا سلف في العقيقة من حديث بريدة عن أبيه عن جده.

                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق أحاديث:

                                                                                                                                                                                                                              أحدها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث حاتم، عن الجعد بن عبد الرحمن قال: سمعت السائب بن يزيد يقول: ذهبت بي خالتي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إن ابن أختي وجع. فمسح رأسي ودعا لي بالبركة، ثم توضأ فشربت من وضوئه، ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتمه بين كتفيه مثل زر الحجلة.

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث أبي عقيل -واسمه زهرة بن معبد بن عبد الله بن هشام القرشي التيمي- أنه كان يخرج به جده عبد الله بن هشام من السوق -أو إلى السوق- فيشتري الطعام، فيلقاه ابن الزبير وابن عمر فيقولان: أشركنا فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد دعا لك بالبركة فيشركهم فربما أصاب الراحلة كما هي، فيبعث بها إلى المنزل.

                                                                                                                                                                                                                              ثالثها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث محمود بن الربيع، وهو الذي مج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجهه وهو غلام من بئرهم.

                                                                                                                                                                                                                              رابعها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث عائشة - رضي الله عنها -: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤتى بالصبيان فيدعو لهم، فأتي بصبي فبال على ثوبه، فدعا بماء فأتبعه إياه، ولم يغسله.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 285 ] خامسها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث عبد الله بن ثعلبة بن صعير -وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد مسح عنه- أنه رأى سعد بن أبي وقاص يوتر بركعة.

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              فيه: الذهاب بالصبيان إلى الصالحين (وسؤالهم الدعاء لهم بالبركة ومسح رءوسهم; تفاؤلا لهم بذلك، وتبركا بدعائهم. وفي حديث محمود بن الربيع مداعبة الأئمة وأهل الفضل للصبيان، وأن ذلك من أخلاق الصالحين). وفي حديث أبي عقيل رغبة السلف الصالح في الربح الحلال، وحرصهم على بركة التجارة، وأنهم كانوا يتجرون في التجارات ويسعون في طلب الرزق; ليستغنوا بذلك عن الحاجة إلى الناس، ولا يكونوا عالة للناس، ولا كلا على غيرهم.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              الحديث الأول رواه في فضائل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديث حاتم عن الجعيد مصغرا. وبالوجهين، ذكره الكلاباذي وغيره.

                                                                                                                                                                                                                              والسائب هذا: هو أبو يزيد السائب بن يزيد بن سعيد، المعروف بابن أخت نمر، قيل: إنه ليثي كناني، وقيل: أزدي، وقيل: كندي، حليف بني أمية، ولد في السنة الثانية من الهجرة، وخرج في الصبيان إلى ثنية الوداع يتلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقدمه من تبوك، وشهد حجة الوداع، وعمر أربعا وثمانين، وليس في الصحابة السائب بن يزيد سواه، وأما ابن منده فقال: السائب بن يزيد، قال عطاء مولى السائب:

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 286 ] أنه كان مقدم رأسه أسود; لأنه - عليه السلام - مسحه. كذا فصله عن الذي قبله، وهو هو. وأما السائب: ففي الصحابة خلق فوق العشرين، وشاب رأس السائب بن يزيد كله إلا موضع يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كان وضعها على رأسه لما مسحه، وبقي ذلك الموضع أسود حتى مات - رضي الله عنه -.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              فسر الترمذي زر الحجلة ببيضة الحمامة، وروى من حديث جابر بن سمرة: (كان خاتم النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي بين كتفيه غدة حمراء مثل بيضة الحمامة)، والحجلة على هذا الطائر الذي يسمى القبج، والمشهور أنها واحدة الحجال وهي الستور، وأن الزر واحد الأزرار التي تدخل في العرى، وقال فيه الخطابي: إنه بتقديم الراء على الزاي، أخذه من رز الجراد وهو بيضها، فاستعير للطائر.

                                                                                                                                                                                                                              وذكر البخاري في خاتم النبوة في الفضائل، عن شيخه محمد بن عبيد الله: الحجلة، وحجل الفرس: الذي بين عينيه، وقال ابن التين: من رواه بفتح الحاء: (المكحلة)، ومن رواه بضمها يعني: محلة الفرس: وهو الشعر الذي يجتمع في مؤخر الرجل في الرسغ، قال: والزر الذي يصنع بالبندقة من خرقة (تدخل) في عروة تزر به. وقرأته بفتح الحاء والجيم، وفي "الصحاح": الحجلة

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 287 ] بالتحريك: واحدة حجال العرس وهو بيت يزين بالثياب والأسرة والستور.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              قال الداودي: في دعائه لعبد الله بن هشام بالبركة دليل على فضل الكفاف على الفقر.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              محمود بن الربيع بن سراقة الخزرجي، مات سنة تسع وتسعين، قال الداودي: توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهو ابن خمس سنين فحفظ عنه مجه في وجهه، فكانت له بذلك صحبة. ومعنى مجه رمى به.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              عبد الله بن ثعلبة بن صعير بالعين المهملة له صحبة إن شاء الله، مات سنة سبع وثمانين، وهو حليف بني زهرة.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              الراوي عن محمود بن الربيع الزهري عده ابن الصلاح في صغار التابعين، ورددنا ذلك عليه في "المقنع في علوم الحديث"، ووقع في ابن التين: أدرك نحو عشرة من الصحابة منهم: أنس، وسهل ابن سعد، وعبد الرحمن بن أزهر، والسائب بن يزيد، ومحمود هذا وعبد الله ابن ثعلبة، قال: ويقال: إنه سمع من عبد الله بن عمر حديثين.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 288 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقوله (أشركنا) هو رباعي، أي: اجعلنا من شركائك، ومنه وأشركه في أمري [طه: 32] وضبط ثلاثي في بعض الكتب، والصحيح ما تقدم، وإنما يقال: شركته في الميراث والبيع إذا ثبتت الشركة، وأما إذا سألته الشركة فإنما تقول له: أشركني رباعيا، نبه عليه ابن التين.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              قوله يوتر بركعة: يريد: أنه لا شفع قبلها وذكر نحوه عن معاوية وذكر لابن عباس فقال: إنه فقيه، ومذهب أكثر الفقهاء استحباب الشفع قبله، واختلف: هل يسقط للعذر؟ فذكر عن سحنون أنه أوتر في مرضه بواحدة، وذكر نحوه في المسافر، وقيل: لا بد من شفع قبله وهو وجه عندنا. وفيه حجة على أبي حنيفة في قوله: الوتر ثلاث ركعات.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية