الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        2011 - حدثنا فهد ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن شريح بن عبيد ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقال : إن هذا السفر جهد وثقل ، فإذا أوتر أحدكم فليركع ركعتين ، فإن استيقظ وإلا كانتا له .

                                                        فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تطوع بعد الوتر بركعتين وهو جالس ، ولم يكن ذلك ناقضا لوتره المتقدم ، فهذا أولى مما تأوله أهل المقالة الأولى وادعوه من معنى حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وتره إلى السحر ، مع أن ذلك أيضا ليس فيه خلاف عندنا لهذا ، لأنه قد يجوز أن يكون وتره ينتهي إلى السحر ، ثم يتطوع بعده قبل طلوع الفجر .

                                                        [ ص: 342 ] فإن قال قائل : يحتمل أن يكون تينك الركعتان هما ركعتا الفجر ، فلا يكون ذلك من صلاة الليل .

                                                        قيل له : لا يجوز ذلك من جهتين ، أما أحدهما :

                                                        فلأن سعد بن هشام إنما سأل عائشة رضي الله عنها ، عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل ، فكان ذلك منها جوابا لسؤاله وإخبارا منها إياه ، عن صلاته بالليل كيف كانت .

                                                        والجهة الأخرى : أنه ليس لأحد أن يصلي ركعتي الفجر جالسا ، وهو يطيق القيام ؛ لأنه بذلك تارك لقيامها ، وإنما يجوز أن يصلي قاعدا وهو يطيق القيام ما له أن لا يصليه البتة ، ويكون له تركه ، فهو كما له تركه بكماله ، يكون له ترك القيام فيه . فأما ما ليس له تركه فليس له ترك القيام فيه .

                                                        فثبت بذلك أن تينك الركعتين اللتين تطوع بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الوتر كانتا من صلاة الليل ، وفي ذلك ما وجب به قول الذين لم يروا بالتطوع في الليل بعد الوتر بأسا ولم ينقضوا به الوتر .

                                                        وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك من قوله ما يدل على هذا أيضا ما قد ذكرناه عنه في حديث ثوبان .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية